الحديث قالوا: يستحب بعدها خطبتان، ولم ير ذلك مالك وأبو حنيفة وأحمد ووافقنا أحمد في رواية، والحديث رواه مالك وخالفه لأنه لم يشتهر، وقال بعض أتباعه: لا خطبة لها ولكن يتقبلهم ويذكرهم، وهذا خلاف الظاهر من الحديث لأنه ابتداء بما يبتدىء به الخطيب من الحمد لله والثناء عليه، وما ذكر من أن المقصود الإِخبار بأنهما آيتان من آيات الله إلى آخره ردًّا على من قال: إنهما ينكسفان لموت عظيم، وقد قالوه عند موت إبراهيم كما مضى، والإِخبار عن الجنة والنار حيث رآهما، وذلك يخصه - عليه الصلاة والسلام - دون غيره، كله ضعيف. فإن الخطب لا تنحصر مقاصدها بما يخص الخطيب، بل ما ذكر مطلوب للخطيب وغيره، فإن الحمد والثناء والموعظة شامل لذكر الجنة والنار، وكونهما آيتين من آيات الله وذلك بعض مقاصد الخطبة لا كل المقصود لو سلم خصوصيته - عليه الصلاة والسلام - بذلك (١).
(١) قال ابن حجر في الفتح (٢/ ٥٣٤): على قوله "باب خطبة الإِمام في الكسوف" اختلف في الخطبة فيه، فاستحبها الشافعي وإسحاق وأكثر أصحاب الحديث قال ابن قدامة: لم يبلغنا عن أحمد -رحمه الله- أن لها خطبة، المغني (٣/ ٣٢٨)، وقال صاحب الهداية من الحنفية: ليس لها خطبة لأنه لم ينقل، وتعقب بأن الأحاديث ثبتت فيه وهي ذات كثرة. والمشهور عند المالكية أن لا خطبة لها، مع أن مالكًا روى الحديث، وفيه ذكر الخطبة، وأجاب بعضهم بأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يقصد لها خطبة بخصوصها، وإنما أراد أن يبين لهم الرد على من يعتقد أن الكسوف لموت بعض الناس، وتعقب بما في الأحاديث الصحيحة من التصريح بالخطبة وحكاية شرائطها من الحمد والثناء والموعظة وغير ذلك مما تضمنته الأحاديث، =