للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرابع: في الحديث دليل على جواز الصلاة على القبر بعد دفن الميت، وهو مذهب الشافعي وأصحابه وموافقيه كالأوزاعي،

وأحمد، وإسحاق، وسواء كان صُلي عليه أم لا.

ومنع الصلاة عليه أصحاب مالك.

والمشهور عندهم كما قال القرطبي (١) المنع فيمن صلى عليه، والجواز فيمن لم يُصلَّ عليه.

واحتج من منع بقوله - عليه الصلاة والسلام -: "إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن الله -تعالى- ينورها بصلاتي عليهم" (٢) فقد علم النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك وغيره لا يعلمه فصار مخصوصًا به، وهذا ليس بشيء، كما قال القرطبي (٣) من وجوه:

أحدها: أنّا وإن لم نعلم ذلك لكنا نظنه ونرجو فضل الله -سبحانه- ودعاء المسلمين لمن صلوا عليه.

الثاني: أنّا لا نسلم أن المراد بصلاته عليهم الصلاة المعهودة وإن كان سياق الحديث يدل على إرادته، بل المراد مجرد الدعاء. فيكون دعاؤه بخصوصيته مجردًا عن الصلاة هو الذي يحصل تنويرها به لتحقق استجابته، لا مطلق الصلاة الذي هو المجموع، لكن يقال استجابة دعائه - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة أبلغ منها في غيرها.

الثالث: أنه - عليه الصلاة والسلام - قد قال: "من صلى عليه


(١) المفهم (٣/ ١٥٩٧).
(٢) انظر التعليق ت (١) ص (٤٠٦).
(٣) المفهم (٣/ ١٥٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>