فمن العلماء من اعتقد أن النساء مأذون لهن في الزيارة، وأنه أذن لهن كما أذن للرجال، واعتقد أن قوله - صلى الله عليه وسلم - "فزوروها فإنها تذكركم الآخرة" خطاب عام للرجال والنساء، والصحيح أن النساء لم يدخلن في الإِذن في زيارة القبور لعدة أوجه -نذكرها باختصار وتصرف-: أحدها: أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فزوروها" صيغة تذكير، وصيغة التذكير إنما تتناول الرجال بالوضع. الثاني: أن يقال: لو كان النساء داخلات في الخطاب لاستحب لهن زيارة القبور، كما استحب للرجال عند الجمهور، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - علل بعلة تقتضي الاستحباب، وهي قوله: "فإنها تذكركم الآخرة"، إلى أن قال -فلو كانت زيارة القبور مأذونًا فيها للنساء لاستحب لهن كما استحب للرجال- إلى أن قال- وما علمنا أن أحدًا من الأئمة استحب لهن زيارة القبور ولا كان النساء على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه الراشدين يخرجن إلى زيارة القبور كما يخرج الرجال. والذين رخصوا في الزيارة اعتمدوا على ما يروى عن عائشة - رضي الله عنها - أنها زارت قبر أخيها عبد الرحمن. وهذا يدل على أن الزيارة ليست مستحبة للنساء، كما تستحب للرجال إذ لو كان كذلك لاستحب لها زيارته، كما تستحب للرجال زيارته، سواء شهدته أو لم تشهده وأيضًا فإن الصلاة على الجنائز أوكد من زيارة القبور، ومع هذا فقد ثبت في الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى النساء عن اتباع الجنائز، وفي ذلك تفويت صلاتهن على الميت، فإذا لم يستحب لهن اتباعها لما فيها من الصلاة والثواب، فكيف بالزيارة؟ =