فقال بعضهم: قد بطلت المؤلفة قلوبهم اليوم، ولا سهم لأحد في الصدقة المفروضة إلَّا لذي حاجة إليها، وفي سبيل الله، أو لعامل عليها. ذكر من قال ذلك -ساقه بإسناده- عن الحسن قال: أما "المؤلفة فلوبهم" فليس اليوم وأيضاً حديث عمر: قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: وأتاه عيينة بن حصن: "الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر": أي ليس اليوم مؤلفة ... إلخ الأحاديث. ثم قال: وقال آخرون: "المؤلفة قلوبهم" في كل زمان، وحقهم في الصدقات. ذكر من قال ذلك -وساق بإسناده- عن أبي جعفر قال: في الناس اليوم، المؤلفة قلوبهم قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي: أن الله جعل الصدقة في معنيين أحدهما: سد خلة المسلمين، والآخر: معونة الإِسلام وتقويته. فما كان في معونة الإِسلام وتقوية أسبابه، فإنه يُعطاه الغني والفقير، لأنه لا يعطاه من يعطاه بالحاجة منه إليه، وإنما يعطاه معونة للدين. وذلك كما يعطى الذي يُعطاه بالجهاد في سبيل الله، فإنه يعطى ذلك غنيّاً كان أو فقيراً، للغزو، لا لسد خلته، وكذلك المؤلفة قلوبهم، يعطون ذلك وإن كانوا أغنياء، استصلاحاً بإعطائهموه أمر الإِسلام وطلب تقويته وتأييده، وقد أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - من أعطى من المؤلفة قلوبهم، بعد أن فتح الله عليه الفتوح، وفشا الإِسلام وعز أهله، فلا حجة لمحتج بأن يقول: "لا يتألف اليوم على الإِسلام أحد، لامتناع أهله بكثرة العدد ممن أرادهم" وقد أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - من أعطى منهم في الحال التي وصفت. اهـ.