للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= قالوا: وقد جاء هذا مصرحاً به في صوم يوم السبت. ففي مسند الإِمام أحمد من حديث ابن لهيعة: حدثنا موسي بن وردان عن عبيد الأعرج حدثتني جدتي, يعني الصماء: "أنها دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم السبت، وهو يتغدى. فقال: تعالي تغدي. فقالت: إني صائمة. فقال لها: أصمت أمس؟ قالت: لا. قال: كلي، فإن صيام يوم السبت لا لك، ولا عليك" وهذا -وإن كان في إسناده من لا يحتج به إذا انفرد- لكن يدل عليه ما تقدم من الأحاديث. وعلى هذا: فيكون معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تصوموا يوم السبت" أي لا تقصدوا صومه بعينه إلَاّ في الفرض، فإن الرجل يقصد صومه بعينه، بحيث لو لم يجب عليه إلَاّ صوم يوم السبت، كمن أسلم ولم يبق من الشهر إلَاّ يوم السبت، فإنه يصومه وحده.
وأيضاً فقصده بعينه في الفرض لا يكره، بخلاف قصده بعينه في النفل، فإنه يكره. ولا تزول الكراهة إلَاّ بضم غيره إليه، أو موافقته عادة، فالمزيل للكراهة في الفرض مجرد كونه فرضاً، لا المقارنة بينه وبين غيره. وأما في النفل فالمزيل للكراهة ضم غيره إليه، أو موافقته عادة، ونحو ذلك.
قالوا: وأما قولكم: إن الاستثناء دليل التناول -إلى آخره- فلا ريب أن الاستثناء أخرج صورة الفرض من عموم النهي. فصورة الاقتران بما قبله أو بما بعده أخرجت بالدليل الذي تقدم، فكلا الصورتين مخرج، أما للفرض: فبالمخرج المتصل. وأما صومه مضافاً: فبالمخرج المنفصل، فبقيت صورة الإِفراد، واللفظ متناول لها, ولا مخرج لها من عمومه، فيتعين حمله عليها.
ثم اختلف هؤلاء في تعليل الكراهة، فعللها ابن عقيل: بأنه يوم يمسك فيه اليهود، ويخصونه بالإِمساك، وهو ترك العمل فيه، والصائم في مظنة ترك العمل، فيصير صومه تشبهاً بهم، وهذه العلة منتفية في الأحد. =

<<  <  ج: ص:  >  >>