وعلله طائفة أخرى: بأنه يوم عيد لأهل الكتاب يعظمونه، فقصده بالصوم دون غيره يكون تعظيماً له، فكره ذلك، كما كره إفراد يوم عاشوراء بالتعظيم، لما عظمه أهل الكتاب، وإفراد رجب أيضاً لما عظمه المشركون. وهذا التعليل قد تعارض بيوم الأحد، فإنه يوم عيد للنصارى، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اليوم لنا، وغداً ليهود، وبعد غد للنصارى" ومع ذلك فلا يكره صومه. وأيضاً فإذا كان يوم عيد، فقد يقال: مخالفتهم فيه يكون بالصوم لا بالفطر، فالصوم فيه تحقيق للمخالفة، ويدل على ذلك: ما رواه الإِمام أحمد والنسائي وغيرهما من حديث كريب مولى ابن عباس قال: "أرسلني ابن عباس وناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أم سلمة أسألها: أي الأيام كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثرها صياماً، فقلت: كان يصوم السبت ويوم الأحد أكثر ما يصوم من الأيام، ويقول: إنهما يوما عيد للمشركين، فأنا أحب أن أخالفهم"، وصححه بعض الحفاظ. فهذا نص في استحباب صوم يوم عيدهم لأجل مخالفتهم، فكيف نعلل كراهة صومه بكونه عيداً لهم؟ وفي جامع الترمذي عن عائشة قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم من الشهر السبت، والأحد, والاثنين. ومن الشهر الآخر الثلاثاء والأربعاء, والخميس", قال الترمذي: حديث حسن، وقد روى ابن مهدي هذا الحديث عن سفيان، ولم يرفعه. وهذان الحديثان ليسا بحجة على من كره إفراد السبت بالصوم. وعلله طائفة: بأنهم يتركون العمل فيه، والصوم مظنة ذلك، فإنه إذا ضم =