الحادي عشر: فيه دلالة أيضاً على أن السنَّة للمصلي أن لا يمسح جبهته في الصلاة، وهو محل اتفاق.
الثاني عشر: قد يستدل به بعض الحنفية على أن مباشرة الجبهة بالمصلى في السجود غير واجب، حتى لو سجد على كور العمامة كالطاقة والطاقتين صح، وهو مذهب مالك، وإن كان مكروهاً عندهم.
ووجه الاستدلال: أنه إذا سجد في الماء والطين ففي السجود الأول تعلق الطين بالجبهة، فإذا سجد السجود الثاني كان الطين الذي تعلق بالجبهة من السجود الأول حائلاً في السجود الثاني عن مباشرة الجبهة بالأرض. وجواب هذا من وجهين:
أحدهما: أنه يحتمل أن يكون مسح ما تعلق بالجبهة أولاً قبل السجود الثاني لو كان. كيف ولفظ الحديث:"فأبصرت عيناي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى جبهته أثر الماء والطين" وأثر الشيء غيره , وهذا احتمال ليس ببعيد، وإن استبعده الفاكهي لأجل مذهبه السالف.
الثاني: أنه محمول لو سلم أنه طين على شيء يسير، لا يمنع مباشرة الجبهة الأرض. والرواية الثابتة في صحيح مسلم "وجبينه ممتلئاً طيناً" ربما لا يخالف ما تأولناه فإن الجبين غير الجبهة فالجبينان يكتفان الجبهة. ولا يلزم من امتلأ الجبين امتلأ الجبهة، كذا أجاب به النووي في "شرح مسلم"(١).