الأولى إلَاّ مع زوج أو محرم، وفي الثانية: مع الرفقة، قال ابن بزيزة: والصحيح عندنا أن فريضة الله لازمة والمؤمنون إخوة، وطاعة الله واجبة، وقد قال -عليه الصلاة والسلام-: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله"، والمسجد الحرام أجل المساجد فكان داخلاً تحت مقتضى هذا الخبر.
قال القاضي عياض: واتفق العلماء على أنه ليس لها أن تخرج في غير الحج والعمرة إلَاّ مع ذي محرم إلَاّ الهجرة من دار الحرب، قال: والفرق أن إقامتها في دار الحرب حرام، إذا لم تستطع إظهار الدين وتخشى على دينها ونفسها وليس كذلك التأخر عن الحج كيف وهو مختلف في أنه على الفور أم التراخي؟
وأعلم أن الذين اشترطوا المحرم للوجوب، واستدلوا بهذا الحديث، فإن سفرها للحج من جملة الأسفار الداخلة تحته فيمنع إلَاّ مع المحرم، والذين لم يشترطوه قالوا: المشترط الأمن على نفسها مع رفقة مأمونين رجالاً أو نساء كما تقدم.
قال الشيخ تقي الدين: وهذه المسألة تتعلق بالعامين إذا تعارضا (١)، وكان كل واحد منها عاماً من وجه، خاصاً من وجه،
(١) قال في الإِيضاح لابن الجوزي (٣٠٦): الأول: عامان، فإن كان معلومين فالمتأخر ناسخ إن علم التاريخ، وإلَاّ فهما متعارضان, وإن كان مظنونين فهما كالمعلومين، وإن كان أحدهما معلوماً والآخر مظنوناً: فالعمل بالمعلوم مطلقاً، لكن لا يحمل على نسخ المظنون إلَاّ: إن علم تأخره عنه. اهـ.