للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كما فضل بعض البقاع والبلدان وكما فضل بعض الليالي والأيام والشهور وباب هذا كله التسليم وهو أمر سائغ في العقول جائز فيها غير ممتنع ولا مستنكر وقد روى في بعض الأحاديث "إن الحجر الأسود يمين الله في الأرض"، والمعنى أن من صافحه في الأرض كان له عند الله عهد فكان كالعهد يعقده الملك بالمصافحة لمن يريد موالاته [والاختصاص (١) به] وكما يصفق على أيدي الملوك للبيعة،


(١) زيادة من ن هـ ومن معالم السنن, وأيضاً في فتح الباري (٣/ ٤٦٣).
تنبيه: قوله: وكما روى في بعض الأحاديث: "الحجر الأسود يمين الله في الأرض"، قال شيخ الإِسلام ابن تيمية -رحمه الله وإياه- في الفتاوى (٦/ ٣٩٧) لما سئل عن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "الحجر الأسود يمين الله في الأرض". فأجاب -رحمه الله ورضي عنه-: بقوله: فقد روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بإسناد لا يثبت، والمشهور إنما هو عن ابن عباس قال: "الحجر الأسود يمين الله في الأرض، فمن صافحه وقتله فكأنما صافح الله وقبل يمينه" ومن تدبر اللفظ المنقول تبين له أنه لا إشكال فيه إلَاّ على من لم يتدبره، فإنه قال: "يمين الله في الأرض" فقيده بقوله: "في الأرض" ولم يطلق، فيقول يمين الله، وحكم اللفظ المقيد حكم اللفظ المطلق.
ثم قال: "فمن صافحه وقبله فكأنما صافح الله وقبل يمينه" ومعلوم أن المشبه غير المشبه به، وهذا صريح في أن المصافح لم يصافح يمين الله أصلاً، ولكن شبه بمن يصافح الله، فأول الحديث وآخره يبين أن الله تعالى كما جعل للناس بيتاً يطوفون به: جعل لهم ما يستلمونه، ليكون ذلك بمنزلة تقبيل يد العظماء، فإن ذلك تقريب للمقبل وتكريم له، كما جرت العادة، والله ورسوله لا يتكلمون بما فيه إضلال الناس [بل لا بد] من أن يبين لهم ما يتقون، فقد يبين لهم في الحديث ما ينفي من التمثيل. اهـ. المقصود منه. =

<<  <  ج: ص:  >  >>