وقال الحسن البصري والثوري وابن الماجشون: إذا ترك الرمل لزمه دم. وكان مالك يقول به.
قال الأبهري: لأنه ترك شيئاً مستحباً وذلك أحوط. ثم رجع عنه (١)، قال الأبهري: أيضاً لأن ذلك هيئة للعمل فصار كما لو ترك رفع اليدين في الصلاة.
ثم لا يسن الرمل إلَاّ في طواف العمرة وفي طواف واحد في الحج ولا يستحب إلَاّ في طواف يعقبه سعي ولا يختص بطواف القدوم على الأظهر عند الشافعي وبه قال جماعة من العلماء وفي قول يختص به وإن لم يسعى بعده، ولا يتصور الرمل في طواف الوداع ولو ترك الرمل في الثلاث الأول من السبع لم يأت به في الأربع الأواخر لأن السنة فيها المشي على العادة فلا يغيره فلو لم يمكنه الرمل لزحمة أشار في هيئة مشيه إلى صفة الرامل ولو فات الرمل بالقرب لزحمة فالرمل مع بعد أولى لأن فضيلة الرمل هيئة للعبادة في نفسها والقرب من الكعبة هيئة في موضع العبادة لا في نفسها فكان تقديم ما يتعلق بنفسها أولى وهذا إذا كان لا يرجوا فرجة أو وقف فإن رجاها وقف ليرمل فيها ولو خاف صدم النساء بأن كن في حاشية المطاف فالقرب بلا رمل أولى تجوزاً عن مصادمتهن وملامستهن.
(١) ذكره في إكمال إكمال المعلم (٣/ ٣٨٣). وقد ذكر ابن عبد البر -رحمنا الله واياه- (١٢/ ١٣٩): أنه رجع عن القول بتركه دم. وانظر: إلى الأقوال هذه في الاستذكار.