الخامس: قوله: "وبدأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج" هو بيان وتفسير لقوله: "تمتع" وهو محمول على التلبية في أثناء الإِحرام ويكون قدم فيها لفظ الإِحرام بالعمرة على لفظه بالحج، فقال:"لبيك بعمرة وبحجة" وهذا المستحب عند مالك في القران أن يقدم لفظ العمرة وهذا حجة له وليس المراد أنه أحرم أول أمره بعمرة ثم أحرم بحج وإن كان بعضهم ادعاه كما سيأتي لأنه يؤدي إلى مخالفة أحاديث الإِفراد ويؤيد هذا التأويل قوله: "فتمتع الناس مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "بالعمرة إلى الحج" ومعلوم أن كثيراً منهم أو أكثرهم أحرموا بالحج أولاً مفردا وإنما فسخوه إلى العمرة أخيراً فصاروا متمتعين فقوله: "فتمتع الناس" يعني في آخر الأمر.
السادس: قوله عليه الصلاة والسلام ومنهم من لم يهد فيه دلالة على أن سوق الهدي ليس محتم بل هو سنة من شاء فعله ومن لم يفعله لم يأثم.
السابع: قوله "عليه الصلاة والسلام من كان منكم أهدى" إلى آخره فيه دلالة على أن فسخ الحج إلى العمرة لمن لم يسق الهدي جائز لبيان مخالفة الجاهلية في منعهم العمرة في أشهر الحج.
واختلف العلماء هل كان ذلك خاصاً للصحابة تلك السنة خاصة أم هو باق لهم ولغيرهم إلى يوم القيامة؟
فقال أحمد وطائفة من أهل الظاهر: بالثاني فيجوز لكل من أحرم بالحج وليس معه هدى أن يقلب إحرامه عمرة ويتحلل بأعمالها.