مخصوصاً بحالة عدم الشعور فإنه يحمل "لا حرج" على نفي الإِثم والدم معاً، فلا يلزم تأخير البيان عن وقت الحاجة، ومشى أيضاً على القاعدة في أن الحكم إذا رتب على وصف يمكن أن يكون معتبراً لم يجز إطراحه وإلحاق غيره مما لا يساويه به، ولا شك أن عدم الشعور وصف مناسب لعدم التكليف والمؤاخذة. والحكم علق به، فلا يمكن إطراحه بإلحاق العمد به، إذ لا يساويه. فإن تمسك بقول الراوي "فما سئل عن شيء قُدّم ولا أخر إلَاّ قال: افعل، ولا حرج"، فإنه قد يشعر بأن الرتيب مطلقاً غير مراعياً في الوجوب.
فجوابه: أن الراوي لم يحك لفظاً عاماً عن الشارع يقتضي جواز التقديم والتأخير مطلقاً. وإنما أخبر بقوله -عليه الصلاة والسلام-: "لا حرج" بالنسبة إلى كل ما سئل عنه من التقديم والتأخير حينئذ، وهذا الإِخبار من الراوي [(١)] إنما تعلق بما وقع السؤال عنه. وذلك مطلق بالنسبة إلى حال السؤال وكونه وقع عن العمد أو عدمه. والمطلق لا يدل على أحد الخاصين بعينه. فلا يبقى حجة في حال العمد.
السابع: مشهور مذهب مالك أنه لا فدية على من حلق قبل الذبح لظاهر هذا الحديث، ويحمل قوله تعالى:{حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّه} أي وصوله إلى منى.