للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الشيخ تقي الدين (١): وهو الأقرب وقد كان في كلا الوقتين توقف من الصحابة في الحلق أما في الحديبية فلأنهم عظم عليهم الرجوع قبل تمام مقصودهم من الدخول إلى مكة وكمال نسكهم، وأما في الحج فلأنه شق عليهم فسخ الحج إلى العمرة وكان من قصر منهم شعره اعتقد أنه أخف من الحلق إذ هو يدل على الكراهة للشيء أي أو أنه أقرب شبهاً منه - صلى الله عليه وسلم - من حيث أنه لم يحل فكرر -عليه الصلاة والسلام- الدعاء للمحلقين لأنهم بادروا إلى امتثال الأمر وأتموا فعل ما أمروا من الحلق وقد ورد التصريح بهذه العلة في الرواية السالفة حيث قال لأنهم لم يشكوا ورواه ابن ماجه (٢) بسند جيد عن ابن عباس قيل: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم ظاهرت للمحلقين ثلاثاً وللمقصرين مرة؟ قال: لأنهم لم يشكوا".

الثالث: هذا الحديث مصرح بجواز الاقتصار على أحد الأمرين أما الحلق وإما التقصير ومصرح أيضاً بتفضيل الحلق وقد أجمع العلماء على أن الحلق أفضل من التقصير في حق الرجال وعلى أن التقصير يجزي إلَاّ ما حكاه ابن المنذر عن الحسن البصري: أنه كان يقول يلزمه الحلق في أول حجة ولا يجزئه التقصير وهذا إن صح عنه مردود بالنص وإجماع من قبله (٣) وإنما كان الحلق أفضل لأمور:


(١) إحكام الأحكام (٣/ ٥٨٧).
(٢) ابن ماجه (٣٠٤٥)، وأحمد (١/ ٣٥٣)، وأبو يعلى (٥/ ١٠٦)، وانظر: هذا المبحث في فتح الباري (٣/ ٥٦٣).
(٣) انظر: فتح الباري (٣/ ٥٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>