أحدها: أنه أقرب إلى التواضع والخضوع بين يدي ذي الجلال وأبلغ في العبادة وأدل على صدق النية في التذلل لله تعالى.
الثانى: أن الشعر زينة والمحرم مأمور بتركها فإنه أشعث أغبر.
الثالث: أن المقصود من الإِحرام التجرد مطلقًا وفي حلق جميع الرأس ما يكمل هذا المقصود ولهذا ذهب بعض العلماء إلى استحباب حلق الرأس عند التوبة وما ذاك إلَّا لطلب تغيير الحالة التي كان قبلها (١).
الرابع: الحديث دال أيضًا على أن الحلق أو التقصير نسك يثاب فاعله وهو مذهب الشافعي في المشهور عنه وبه قال العلماء كافة.
وللشافعي قول ضعيف: إنه استباحة محظور كالطيب واللباس وليس بنسك وبه قال أبو ثور وأبو يوسف لأنه ورد بعد الحظر فحمل على الإِباحة كاللباس والطيب والحديث يرد عليهم من وجهين:
الأول: أنه متضمن ثواب كل واحد من الحلق أو التقصير ولو كان مباحًا لاستوى فعله وتركه.
الثاني: تفضيل الحلق على التقصير ولو كانا مباحين لما كان لأحدهما مزية على الآخر في نظر الشرع.
(١) كما ورد في الحديث "احلق عنك شعر الكفر واغتسل"، وفي لفظ "واختتن" أبو نعيم في أخبار أصفهان (٢/ ٣٨)، والكامل لابن عدي (١/ ٢٢٤).