للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الملامسة: فأن يلمس كل واحد منهما ثوب صاحبه بغير تأمل".

ووجه النهي: فيه أنه بيع غائب ومن يصحح بيع الغائب يبطله أيضاً، فإن فيه إقامة اللمس مقام النظر، وهل يخرج على صحة نفي خيار الرؤية؟ (١).

الوجه الثالث: هذان البيعان فاسدان على جميع التأويلات وهما من بياعات الجاهلية، ورواية المصنف تقتضي أن يكون الفساد من جهة عدم النظر والتقليب، فإن كان هذا التفسير من جهة الشارع - صلى الله عليه وسلم - فيتعين المصير إليه دون غيره، وكذا إن كان من الصحابي (٢)، فإنه يترجح على غيره من تفسير التابعي وغيره، وحينئذ يستدل على منع بيع الأعيان الغائبة عملاً بالعلة، ومن يشترط


(١) قال أبو عمر ابن عبد البر -رحمنا الله وإياه- في الاستذكار (٢٠/ ١٩٦): هذا قول الشافعي، يدل على صحة ما روي عنه، وما روى الربيع عنه في أنه يجيز البيع على خيار الرؤية. اهـ.
(٢) قال ابن حجر -رحمنا الله وإياه- في الفتح (٤/ ٣٥٩) وهذا التفسير الذي في حديث أبي هريرة اقعد بلفظ الملامسة والمنابذة، لأنها مفاعلة، فتستدعي وجودَ الفعل من الجانبين، وظاهره أنه مرفوع، لكن وقع للنسائي -انظر: تخريجه- ما يشعر بأنه من كلام من دونه - صلى الله عليه وسلم - ولفظه: وزعم أن الملامسة أن يقول الرجل للرجل: أبيعك ثوبي بثوبك، ولا ينظر واحد منهما إلى ثوب الآخر، ولكن يلمسه لمساً، وأما المنابذة فأن يقول: انبذ ما معي وتنبذ ما معك ليشتري أحدهما عن الآخر، ولا يدري كل واحد منهما كم مع الآخر ونحو من هذا الوصف، فالأقرب أن يكون ذلك من كلام الصحابي لبعده أن يعبر الصحابي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بلفظ "زعم". اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>