للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومستند الخلاف في صحة البيع وفساده ينبني على مسألة أصولية، وهي أن النهي يدل على الفساد أم لا (١)، ومستند من صححه أن النهي لأجل الأضرار بالركبان وذلك لا يقدح في نفس البيع.

واعلم: أن نهي التحريم ثلاثة أقسام (٢):

أحدها: ما يقتضي تحريم عين المنهي عنه كنهيه -عليه الصلاة والسلام- عن الميتة، فذلك يقتضي تحريم الغبن وفساد العقد عليها.

ثانيها: ما يقتضي تحريم وصف في المنهى وأصل في ذات المنهى عنه كنهيه عليه الصلاة والسلام عن الزنا، فذلك يقتضي تحريم العقد وفساده ولا يقتضي تحريم المعقود عليه بل يرجع كل واحد من المتعاقدين إلى أصل ماله.

ثالثها: ما يقتضي تحريم وصف في المنهى عنه، إما لأجل البائع، أو المشتري ونحوها، وإما لأجل وصف في الآلة المستعملة كآنية الذهب والفضة، والحرير لمن لا يحل له لبسه، وكبيع الركبان وما شاكله من العقود فهو محل الخلاف.


(١) هذه المسألة فيها خلاف بين الأصوليين فمنهم من يقول إن النهي يدل على فساد المنهي عنه في العبادات والمعاملات، وقال أبو بكر الباقلاني: إن النهي لا يقتضي الفساد مطلقاً وحجته في ذلك أن الفساد يحتاج إلى دليل غير النهي. أما قول الرازي في هذه المسألة: فقد فرق بين العبادات والمعاملات فيقتضي الفساد في العبادات بخلاف المعاملات فلا يقتضي النهي الفساد. اهـ. بتصريف من تقريب الأصول (١٨٨).
(٢) انظر: البحر المحيط (٢/ ٤٤٤، ٤٤٥)، والمحصول (١/ ٢/ ٤٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>