للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على منع طلي السفن ودهن الجلود والاستصباح بها وفيه نظرٌ لأن


= تفريق.
وأيضاً فإن هذا الفَرق لا يُفيد في دفع كونه مستعملاً للخبيث والنجاسة، سواء كانت عينيةً أو طارئةً، فإنه إن حرم الاستصباح به لما فيه من استعمال الخبيث، فلا فرق، وإن حرم لأجل دُخان النجاسة، فلا فرق، وإن حرم لكون الاستصباح به ذريعة إلى اقتنائه، فلا فرق، فالفرق بين المذهين في جواز الاستصباح بهذا دونَ هذا لا معنى له.
وأيضاً فقد جوز جمهورُ العلماء الانتفاعَ بالسِّرقين النَّجس في عمارةِ الأرض للزَّرْع، والثمر، والبقل مع نجاسة عينهِ , وملابسةِ المستعمل له أكثر من ملابسة الموقَدِ، وظهورِ أثره في البقول والزروع، والثمار، فوق ظهور أثر الوقيد، وإحالةُ النار أتم من إحالة الأرض، والهواء والشمس للسِّرقين، فإن كان التحريم لأجل دُخَان النَّجَاسَةِ، فَمن سَلَّمَ أن دُخَان النجاسةِ نجس، وبأيَّ كتاب، أم بأيَّةِ سُنَّةٍ ثبت ذلك؟ وانقلابُ النجاسةِ إلى الدُّخان أتمُّ من انقلابِ عينِ السرقينِ والماءِ النبي -صلى الله عليه وسلم- ثمراً أو زرعاً، وهذا أمر لا يُشَكُّ فيه، بل معلوم بالحسَّ والمشاهدةِ، حتى جوز بعضُ أصحاب مالك، وأبي حنيفة -رحمهما الله- بَيْعَه، فقال ابن الماجشون: لا بأس ببيع العَذِرةِ، لأن ذلك من منافع الناس. وقال ابن القاسم: لا بأس ببيع الزَّبْل.
قال اللخميُّ: وهذا يدل من قوله على أنه يرى بيع العَذِرةِ. وقال أشهب في الزَّبْل: المشتري أعذر فيه من البائع، يعني في اشترائه. وقال ابن عبد الحكم: لم يَعْذُرِ الله واحداً منهما، وهما سِيَّان في الإِثم.
قال: وهذا هو الصوابُ، وأن بيع ذلك حَرَامٌ وإن جاز الانتفاع به، والمقصود: أنه لا يلزم من تحريم بيع الميتة تحريم الانتفاع بها في غير ما حرم الله ورسوله منها إلى أنه قال: فليس كل ما حرم بيعه حرم الانتفاع به، بل لا تلازم بينهما، فلا يؤخذ تحريم الانتفاع من تحريم البيع. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>