للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= إنما تحرِّم المفاسدَ الخالصةَ أو الراجحةَ، وطرفَها وأسبابها الموصلةَ إلها.
قالوا: وقد أجاز أحمد في إحدى الروايتين الاستصباحَ بشحوم الميتة إذا خالطت دُهناً طاهراً، فإنه في أكثر الروايات عنه يجوز الاستصباحُ بالزيت النجسِ، وطليُ السفن به، وهو اختيارُ طائفة من أصحابه، منهم: الشيخ أبو محمد، وغيره، واحتج بأن ابن عمر أمر أن يُستصبَح به.
وقال في رواية ابنيه: صالح وعبد الله: لا يعجبني بيع النَّجِس، ويستصبحُ به إذا لم يمسوه، لأنه نجس, وهذا يعم النَّجسَ، والمتنجَّس، ولو قُدَّرَ أنه إنما أراد به المتنجِّس، فهو صريحٌ في القول بجواز الاستصباح بما خالطه نجاسة ميتة وغيرها، وهذا مذهبُ الشافعي، وأيُّ فرق بين الاستصباح بشحم الميتة إذا كان منفرداً، وبين الاستصباح به إذا خالطه دهن طاهر فنجسه؟
فإن قيل: إذا كان مفرداً، فهو نَجِسُ العين، وإذا خالطه غيره تنجس به، فأمكن تطهيره بالغسل، فصار كالثوب النَّجِسِ، ولهذا يجوز بيع الدُّهْن المتنجِّس على أحد القولين دون دهن الميتة.
قيل: لا ريبَ أنَّ هذا هو الفرق الذي عَوَّل عليه المفرِّقون بينهما, ولكنه ضعيف لوجهين.
أحدهما: أنه لا يعرف عن الإِمام أحمد، ولا عن الشافعي ألبتة غسل الدهن النجَّس، وليس عنهم في ذلك كلمةٌ واحدةٌ، وإنما ذلك من فتوى بعض المنتسبين، وقد رُوي عن مالك، أنه يَطْهُر بالغسل، هذه رواية ابن نافع، وابن القاسم عنه.
الثاني: أن هذا الفرق وإن تأتَّى لأصحابه في الزيت والشيرج ونحوهما، فلا يتأتَّى لهم في جميع الأدهان، فإن منها ما لا يُمكن غسله، وأحمد والشافعي قد أطلقا القولَ بجواز الاستصباح بالدهن النجس من غير =

<<  <  ج: ص:  >  >>