للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وذلك: أن غمس الذباب في الإِناء قد يأتي عليه، فلو كان نَجَّسَه إذا مات فيه لم يأمره بذلك؛ لما فيه من تنجيس الطعام، وتضييع المال، وهذا قول عامة العلماء، إلَاّ أن الشافعي قد علق القول فيه، فقال في أحد قوليه: إن ذلك ينجسه.
وقد روي عن يحيى بن أبي كثير أنه قال في العقرب يموت في الماء "إنها تنجسه".
وعامة أهل العلم على خلافه.
وقد تكلم على هذا الحديث بعض من لا خلاق له. وقال: كيف يكون هذا؟ وكيف يجتمع الداء والشفاء في جناحي الذبابة؟ وكيف تعلم ذلك من نفسها حتى تقدم جناح الداء، وتؤخر جناح الشفاء، وما أرَبُها إلى ذلك؟
قلت: وهذا سؤال جاهل، أو متجاهل، وإن الذي يجد نفسه ونفوس عامة الحيوان قد جُمع فيها بين الحرارة والبرودة، والرطوبة واليبوسة، وهي أشياء متضادة، إذا تلاقت تفاسدت، ثم يرى أن الله سبحانه قد ألَّف بينها، وقهرها على الاجتماع، وجعل منها قوى الحيوان التي بها بقاؤها وصلاحها. لجدير أن لا يُنكر اجتماع الداء والشفاء في جزأين من حيوان واحد، وأن الذي ألهم النَّحْلة أن تتخذ البيت العجيب الصنعة، وأن تَعْسِل فيه، وألهم الذَّرَّة أن تكتسب قوتها وتدَّخره لأوان حاجتها إليه: هو الذي خلق الذبابة، وجعل لها الهداية إلى أن تقدَّم جَناحاً وتؤخر جناحاً، لما أراد من الابتلاء الذي هو مَدْرَجة.
وقد روي هذا الحديث عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد، ولكن الصواب: أنه موقوف عليه، ذكره البيهقي) اهـ. وابن عباس راوي الحديث أفتى فيما إذا ماتت أن تلقى وما حولها وتؤكل.
انظر: مجموع الفتاوى (٢٠/ ٥١٩) (٢١/ ٤٩١، ٤٩٨)، فقد فصل وأجاد وأفاد -رحمه الله-.

<<  <  ج: ص:  >  >>