قال القرطبي (١): وزاد أن هذا أولى من حديث جابر إما لأنه ناسخ له، أو مرجح عليه.
وأجابوا عن هذا الحديث: بأنها واقعة عين تطرق إليها احتمالات.
قالوا: ولأنه -عليه الصلاة والسلام-: أراد أن يعطيه الثمن، ولم يرد حقيقة البيع.
قالوا: ويحتمل أن الشرط لم يكن في نفس العقد، ولعله كان نسأها، فلم يؤثر ثم تبرع -عليه الصلاة والسلام- بذلك.
قلت: وهو صريح رواية النسائي الآتية: "أخذته بكذا وكذا، وقد أعرتك ظهره إلى المدينة". وظاهر إحدى روايات الصحيح "فبعته منه بخمس أواق، قال: قلت: علي أن لي ظهره إلى المدينة.
قال: ولك ظهره إلى المدينة. فلما قدمت المدينة أتيته به فزادني وقية ثم وهبه لي"، فهذا شاهد كون الاشتراط وقع بعد العقد، وأيَّد القاضي أبو الطيب هذا بأنه جاء في بعض ألفاظ الخبر "فلما نقدني الثمن شرطت حملاني إلى المدينة". وهذه الرواية إن ثبتت كان معنى "نقدني الثمن" قرره لي، إذ صريح الروايات أنه إنما وفاه الثمن بالمدينة، وظاهر رواية الكتاب تدل على أنه وقع الشرط في العقد. وجاء ذلك لأنه لم يكن بيعاً مقصوداً وإنما منفعته لا مبايعته. وكذا رواية البخاري على "أن لي فقار ظهره" و"شرط ظهره إلى المدينة"،