وقوله:"وكيف إذنها؟ " راجع إلى البكر، وفيه تعليم كيفية استئذان البكر، وإنما سألوا عن الإِذن دون الأمر لتردد الإِذن بين القول والسكوت بخلاف الأمر، فإنه صريح في القول، وإنما جعل السكوت إذنًا في حقها لأنها قد تستحي أن تفصح به، فتظهر رغبتها في النكاح وأبدى بعض المالكية لاستئذان الأب لابنته البكر فائدة، وهي تطييب قلبها واستعلام حالها فقد تكون موصوفة بما يخفى على الأب مما يمنع النكاح فإذا استأذنها أعلمته.
قال القاضي عياض (١): وحمل مالك البكر في هذا الحديث على اليتيمة، لأنها التي تستأذن في نفسها، وحمله غيره على ظاهره على الندب في ذات الأب، وعلى الوجوب في اليتيمة.
الوجه الثالث: الحديث دال على أن إذن البكر سكوتها، وهو عام بالنسبة إلى لفظ البكر ولفظ النهي في قوله:"لا تنكح" إن حمل على الكراهة دون التحريم كان دليلًا على استحباب الاستئذان، وهو خاص عند الشافعي بالبكر البالغة إذا كان الولي أبًا أو جدًا، فإن كان غيرهما فلابدَّ من إذنها، ويكفي السكوت على الأصح كما سيأتي، ووافقه ابن أبي ليلى وأحمد وإسحاق وغيرهم.
وقال الأوزاعي وأبو حنيفة وغيره من الكوفيين: يجب الاستئذان في كل بكر بالغة وإن حمل على التحريم تعين أحد الأمرين إما أن يكون المراد بها من عدا الصغيرة فعلى هذا لا تخبر البكر البالغ وهو مذهب أبي حنيفة، وحكاه الترمذي في