(٢) قال القرطبي -رحمنا الله وإياه- في المفهم (٢٣٩٨): اعتذر أصحابنا عن قول أنس بشتى أوجه: أحدها: إن قوله، موقوف عليه، والحجة في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ابن حجر -رحمنا الله وإياه- في الفتح (٩/ ١٢٩): ناسبًا عن بعض العلماء بأنه قول أنس، قاله ظنًا من قبل نفسه ولم يرفعه، وربما تأيد ذلك عندهم بما أخرجه البيهقي من حديث أميمة -وفيه: "وأمهرها رزينة"، سبق تخريجه في -ما قبل السابق-، إلى قوله: "وجعل عتقي صداقي", وهذا موافق لحديث أنس، وفيه رد على من قال: إن أنسًا قال: ذلك بناء على ما ظنه. وثانيها: أن ظاهر قوله: أعتقها وتزوجها أنه كان قد أعتقها ثم تزوجها، وهذا على ما قدمناه في قوله -تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ} , وقوله - صلى الله عليه وسلم -: أبدأ بما بدأ الله به، فبدأ بالصفا. وثالثها: أن قوله: "أصدقها نفسها"، يحتمل أن يكون أن لم يرَ صداقًا، وسُئل عنه قال ذلك. ويعني به: أنه لم يصدقها شيئًا، ويكون هذا من خصوصياته - صلى الله عليه وسلم -. ورابعها: إنه لو سلم كونه مرفوعًا نصًّا فحينئذٍ يكون من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - في باب النكاح، وقد ظهرت له فيه خصائص كثيرة، والله أعلم. اهـ.