قال ابن حجر -رحمنا الله وإياه- في الفتح (٨/ ٥٢٥): قوله (وهبن أنفسهن): هذا ظاهر في أن الواهبة أكثر من واحدة، ويأتي في النكاح حديث سهل بن سعد "أن امرأة قالت: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إني وهبت نفسي لك" الحديث، وفيه قصة الرجل الذي طلبها قال: "التمس ولو خاتمًا من حديد"، ومن حديث أنس "أنَّ امرأة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت له: إن لي ابنة -فذكرت من جمالها- فآثرتك بها، فقال: قد قبلتها، فلم تزل تذكر حتى قالت: لم تصاع قط، فقال: لا حاجة لي في ابنتك"، وأخرجه أحمد أيضًا، وهذه امرأة أخرى بلا شك. وعند ابن أبي حاتم من حديث عائشة: التي وهبت نفسها للنبي - صلى الله عليه وسلم -هي خولة بنت حكيم، وسيأتي الكلام عليه في كتاب النكاح، فإن البخاري أشار إليه معلقًا، ومن طريق الشعبي قال: من الواهبات أم شريك. وأخرجه النسائي من طريق عروة. وعند أبي عبيدة معمر بن المثنى أن من الواهبات فاطمة بنت شريح، وقيل: إن ليلى بنت الحطيم ممن وهبت نفسها له. ومنهن زينب بنت خزيمة. جاء عن الشعبي وليس بثابت، وخولة بنت حكيم وهو في هذا الصحيح. ومن طريق قتادة عن ابن عباس قال: التي وهبت نفسها للنبي - صلى الله عليه وسلم - هي ميمونة بت الحارث، وهذا منقطع، وأورده من وجه آخر مرسل وإسناده ضعيف. ويعارضه حديث سماك عن عكرمة، عن ابن عباس: "لم يكن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأة وهبت نفسها". أخرجه الطبري وإسناده حسن، والمراد أنه لم يدخل بواحدة من وهبت نفسها له وإن كان مباحًا له لأنه راجع إلى إرادته. اهـ، محل المقصود.