وقال ابن قدامة -رحمنا الله وإياه- في المغني (٦/ ٥٦٣، ٥٦٤): فصل: وأما نظر المرأة إلى الرجل، ففيه روايتان: أحدهما: لها النظر إلى ما ليس بعورة، والأخرى: لا يجوز لها النظر من الرجل إلَّا إلى مثل ما ينظر إليه منها، اختاره أبو بكر، وهذا أحد قولي الشافعي لما روى الزهري عن نبهان، عن أم سلمة، وذكر الحديث، ثم قال: رواه أبو داود وغيره، ولأن الله تعالى أمر النساء بغض أبصارهن كما أمر الرجال به، ولأن النساء أحد نوعي الآدميين، فحرم عليهن النظر إلى النوع الآخر قياسًا على الرجال. . . . ولنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة بنت قيس: "اعتدي في بيت ابن أم مكتوم، فإنه رجل أعمى، تضعين ثيابك فلا يراك" متفق عليه، وقالت عائشة: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد" متفق عليه، ويوم فرغ النبي - صلى الله عليه وسلم - من خطبة العيد "مضى إلى النساء، فذكرهن ومعه بلال, فأمرهن بالصدقة" ولأنهن لو منعن النظر، لوجب على الرجال الحجاب، كما وجب على النساء، لئلا ينظرن إليهم، فأما حديث نبهان، فقال أحمد: نبهان روى حديثين عجيبين، يعني هذا الحديث، وحديث "إذا كان لإحداكن مكاتب فلتحتجب منه" وكأنه أشار إلى ضعف حديثه إذ لم يرو إلَّا هذين الحديثين المخالفين للأصول، قال ابن عبد البر: نبهان مجهول لا يعرف إلَّا برواية الزهري عنه هذا الحديث، وحديث فاطمة صحيح فالحجة به لازمة، ثم يحتمل أن حديث نبهان خاص لأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -كذلك قال أحمد وأبو داود. قال الأثرم: قلت لأبي عبد الله: كان حديث نبهان لأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة، وحديث فاطمة لسائر الناس؟ قال: نعم، وإن قدر التعارض، فتقديم الأحاديث الصحيحة أولى من الأخذ بحديث مفرد في إسناده مقال. اهـ.