للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= رواها غيره، وقال صاحب "المغني": وينبغي أن تُحمل هذه الرواية على ما إذا لم يفرق بينهما. فأما مع تفريق الحاكم بينهما، فلا وجه لبقاء النكاح بحاله.
قلت: الرواية مطلقة، ولا أثر لتفريق الحاكم في دوام التحريم، فإن الفُرقة الواقعة بنفس اللعان أقوى من الفرقة الحاصلة بتفريق الحاكم، فإذا كان إكذاب نفسه مؤثرًا في تلك الفرقة القوية، رافعًا للتحريم الناشىء منها، فلأن يؤثر في الفرقة التي هي دونها، ويرفع تحريمها أولى.
وإنما قلنا: إن الفرقة بنفس اللعان أقوى من الفرقة بتفريق الحاكم، لأن فرقة اللعان تستند إلى حكم الله ورسوله، سواء رضي الحاكم والمتلاعنان التفريق أو أَبَوه، فهي فرقة من الشارع بغير رضي أحد منهم ولا اختياره، بخلاف ما إذا فرقة الحاكم، فإنه إنما يفرق باختياره.
وأيضًا فإن اللعان يكون قد اقتضى بنفسه التفريق لقوته وسلطانه عليه، بخلاف ما إذا توقف على تفريق الحاكم، فإنه لم يقو بنفسه على اقتضاء الفرقة، ولا كان له سلطان عليها، وهذه الرواية هي مذهبُ سعيد بن المسيب، قال: فإن أكذب نفسَه، فهو خاطب من الخطَّاب، ومذهب أبي حنيفة ومحمد، وهذا على أصله أطرد، لأن فرقة اللعان عنده طلاق. وقال سعيد بن جبير: إن أكذب نفسه، رُدَّت إليه ما دامت في العدة.
والصحيح: القول الأول الذي دلت عليه السنة الصحيحة الصريحة، وأقوال الصحابة - رضي الله عنهم -، وهو الذي تقتضيه حكمة اللعان، ولا تقتضي سواه، فإن لعنة الله تعالى وغضبه قد حلَّ بأحدهما لا محالة، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - عند الخامسة: "إنها الموجبة"، أي الموجبة لهذا الوعيد، ونحن لا نعلم عين من حلَّت به يقينًا، ففرق بينهما خشية أن =

<<  <  ج: ص:  >  >>