للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قبله لما أخره فدل على أنه لا يجب إلا بعدها ويقوى ذلك بقول الراوي: "فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه -عليه الصلاة والسلام-" إلى آخره، ففيه إشعار بأن الشهادة أربعًا هي العلة في الحكم وقاسوه على شهود الزنا.

وخالف في ذلك مالك والشافعي ومن وافقهما فقالوا: لا يعتبر تكرره بل يثبت مرة واحدة ويرجمه قياسًا على سائر الحقوق. وبأنهم رووا أن تأخير الحد إلى تمام الإِقرار أربعًا ليس للوجوب كما ذكره الأولون بل للاستثبات والتحقيق لوجوب السبب لأن مبنى الحد على الاحتياط في درئه بالشبهات.

واحتجوا أيضًا بالحديث السالف: "واغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها" فلم يشترط عدد. وحديث الغامدية في "صحيح مسلم" (١) ليس فيه أيضًا إقرارها أربع مرات ولأنه اعتراف بما يوجب القتل فلا يشترط فيه التكرار قياسًا على شهود الاعتراف بالقتل فإنه لا خلاف كما قال القاضي عياض أن الاعتراف بالقتل لا يعتبر فيه التكرار كالشهادة، فكذا في الرجم، ولا يحسن قياسهم الإِقرار على الشهادة لأن إقرار الفاسق على نفسه مقبول بخلاف شهادته.

واشترط ابن أبي ليلى وغيره من العلماء إقراره أربع مرات في أربع مجالس. ونقل القرطبي (٢) هذا عن أصحاب الرأي، ونقل عن ابن أبي ليلى وأحمد اشتراط كونها في مجلس واحد، وما قدمناه


(١) مسلم (١٦٩٥)، وأحمد (٥/ ٣٤٧)، والنسائي في الكبرى (٧١٦٣).
(٢) المفهم (٥/ ٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>