أو عظمت- فهي مشابهة أو مستوية مع القتل في أصل التحريم فلا يبقى في الحديث كبير فائدة، مع أن المفهوم منه تعظيم أمر اللعنة بتشبيهها بالقتل.
وأما الثاني فقد بينا ما فيه من الإِشكال. وهو التفاوت في المفسدة بين إزهاق الروح وإتلافها، وبين الأذى باللعنة.
وأما ما حكاه عن الإِمام -من قوله إن اللعنة قطع عن الرحمة، والموت قطع عن التصرف- فالكلام عليه أن نقول: اللعنة تطلق على نفس الإِبعاد الذي هو فعل الله تعالى. وهو الذي يقع فيه التشبيه.
والثاني: أن تطلق اللعنة على فعل اللاعن وهو طلبه لذلك الإِبعاد بقوله: "لعنه الله" مثلًا، أو بوصفه للشخص بذلك الإِبعاد بقوله:"فلان ملعون"، وهذا ليس بقطع عن الرحمة بنفسه، ما لم تتصل به الإِجابة، فيكون حينئذ تسببًا إلى قطع التصرف، ويكون نظيره التسبب إلى القتل. غير أنهما يفترقان في أن التسبب إلى القتل -بمباشرة الحزِّ وغيره من مقدمات القتل- مفض إلى القتل بمطرد العادة، فلو كان مباشرة اللعن مفضيًا إلى الإِبعاد الذي هو اللعن دائمًا لاستوى اللعن مع مباشرة مقدمات القتل، وزاد عليه. وبهذا يتبين لك الإِيراد على ما حكاه القاضي، من أن لعنته له تقتضي قصد إخراجه عن جماعة المسلمين كما لو قتله، فإن قصده إخراجه لا يستلزم إخراجه، كما يستلزمه مقدمات القتل، وكذلك أيضًا ما حكاه من أن لعنته تقتضي قطع منافعه الأخروية عنه بإجابة دعوته،