للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إنما يحصل ذلك بإجابة دعوته، وقد لا تجاب في كثير من الأوقات، فلا يحصل انقطاعه عن منافعه، كما يحصل بقتله.

ولا يستوي القصد إلى القطع بطلب الإِجابة، مع مباشرة مقدمات القتل المفضية إلى من مطرد العادة ويحتمل ما حكاه القاضي عن الإِمام وغيره -أو بعضه- أن لا يكون تشبيهًا في حكم دنيوي ولا أخروي بل يكون تشبيهًا لأمر وجودي بأمر وجودي كالقطع.

والقطع -مثلًا في بعض ما حكاه-، أي: قطعه عن الرحمة أو عن المسلمين بقطع حياته، وفيه بعد ذلك نظر، والذي يمكن أن يقرر به ظاهر الحديث -في استوائهما من الإِثم- أنا نقول: لا نسلم أن مفسدة اللعنة مجرد أداه، بل فيها -مع ذلك- تعريضه لإِجابة الدعاء فيه، بموافقة ساعة لا يُسأل الله فيها شيئًا إلَّا أعطاه، كما دل عليه الحديث من قوله -عليه الصلاة والسلام-: "لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا ساعة" (١)، الحديث. وإذا عرّضه باللعنة لذلك ووقعت الإِجابة، وإبعاده من رحمة الله، كان ذلك أعظم من قتله, لأن القتل تفويت الحياة الفانية قطعًا، والإِبعاد من رحمة الله أبعد ضررًا بما لا يحصى، وقد يكون أعظم الضررين على سبيل الاحتمال متساويًا أو مقاربًا لأخفها على سبيل التحقيق. ومقادير المصالح والمفاسد وأعدادهما أمر لا سبيل للبشر إلى الاطلاع على حقائقه، هذا آخر كلامه.


(١) أخرجه مسلم (٣٠٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>