وقيل: يكفي الشهرة، وقيل: هى أن تليق به الدعوى بمثلها على مثله، وقيل: هي أن يليق به أن يعامله بمثلها، وقريب من هذا قول الاصطخري من الشافعية أن قرائن الحال إذا شهدت بكذب المدعي لم يلتفت إلى دعواه. مثل أن يدعي المدني استئجار الأمير والفقيه لعلف الدواب وكنس بيته. ومثل دعوى المعروف بالتعنت وصبر ذوي الأقدار إلى القضاة وتحليفهم ليفتدوا منه بشيء، ودليل الجمهور إطلاق هذا الحديث، ولا أصل لاشتراط الخلطة في كتاب ولا سنة ولا إجماع. وهذه تصرفات لتخصيص العموم بغير أصل، ومن تصرفاتهم أيضًا أن من ادعى شيئًا من أسباب القصاص لم تجب به اليمين إلَّا أن يقيم على ذلك شاهدًا فيجب اليمين.
ومنها: إذا ادعى الرجل على امرأته نكاحًا لم يجب له عليها اليمين في ذلك. قال سحنون منهم: إلَّا أن يكونا طارئين.
ومنها: أن بعض الأمناء من يجعل القول قوله، لا يوجبون عليه يمينًا. ومنها دعوى المرأة الطلاق على الزوج لا يجب عليه اليمين، وعموم هذا الحديث راد على ذلك كله.
سابعها: استدل بعضهم بقوله عليه الصلاة والسلام "دماء رجال" على إبطال قول مالك في التدمية ووجه استدلاله: أنه عليه الصلاة والسلام قد سوَّى بين الدماء والأموال في أنَّ المدَّعي لا يُسمع قوله فيها فماذا لم يُسمع قولُ المدَّعي في مرضه: لي عند فلان كذا، كان أحرى، وأولى أن لا يسمع قوله: دمي عند فلان، لحرمة الدماء، ولا حجة لهم كبيرة كما نبَّه عليه القرطبي (١)؛ لأن مالكًا