للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الدين (١): والجواب عن هذا عندي من وجهين:

أحدهما: أن [المباح قد يطلق على ما لا جرح في فعله، وإن لم يتساو طرفاه، وهذا أعلم من] (٢) المباح المتساوي الطرفين، فهذا الذي ردد فيه القول، وقال: إما أن يكون مباحًا [أم] (٣) لا، فإن كان مباحًا فهو مستوي الطرفين يمنعه إذا حملنا المباح على هذا المعنى، فإنه المباح قد صار منطلقًا على ما هو أعم من المتساوي الطرفين، فلا يدل اللفظ على التساوي، إذِ الدَّال على العام لا يَدُلُّ على الخاص بعينه.

والثاني: أنه قد يكون متساوي الطرفين باعتبار ذاته، راجحًا باعتبار أمر خارج فلا يتناقض حينئذٍ الحكمان. قال: وعلى الجملة فلا يخلو هذا الموضع من نظر، فإنه إن لم يكن فعلى هذا المشتبه موجبًا لضررٍ مَا في الآخرة، وإلَّا فيعسر ترجيح تركه، إلَّا أن يقال: إن تركه محصل لثواب أو زيادة درجات وهو على خلاف ما يفهم من أفعال المتورعين، فإنهم يتركون ذلك تحرجًا وتخوفًا، وبه يشعر لفظ الحديث، وقال شهاب الدين [ابن] (٤) الحميري يدخل الورع فيها، قال: وطريق الجمع بينها أن المباحات لا زهد فيها ولا ورع من حيث هي مباحات، وفيها الزهد والورع من حيث الاكثار منها، فإن الإِكثار منها يخرج إلى كثرة الاكتساب الموقع في الشبهات، وقد


(١) إحكام الأحكام (٤/ ٤٤٩).
(٢) في ن هـ ساقطة، وما أثبت يوافق إحكام الأحكام.
(٣) في المرجع السابق.
(٤) في ن هـ ساقطة.

<<  <  ج: ص:  >  >>