للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الغانمين من لم يطبخ. ثم قال: فإن قيل: فلم ينقل أنهم حملوه إلى المغنم. قلنا: ولم ينقل أيضًا أنهم أحرقوه وأتلفوه وإذا لم يأت فيه نقل صريح، وجب تأويله على وفق القواعد الشرعية، وهو ما ذكرناه. وهذا بخلاف إكفاء لحم الحمر الأهلية يوم خيبر، فإنه أتلف ما فيها من لحم ومرق؛ لأنها صارت نجسة. ولهذا قال عليه الصلاة والسلام فيها: "إنها رجس"، أو "نجس"، وأما هذه اللحوم فكانت طاهرة منتفعًا بها بلا شك فلا يظن إتلافها هذا آخر كلامه.

وفي "سنن أبي داود" بإسناد جيد من حديث عاصم بن كليب، وهو من رجال مسلم عن أبيه عن رجل من الأنصار قال: أصاب الناس حاجة شديدة وجهد، فأصابوا غنمًا فانتهبوها، وإن قدورنا لتغلي بها، إذ جاء رسول الله - صلي الله عليه وسلم - على فرسه فأكفأ قدورنا بقوسه، ثم جعل يرمل اللحم بالتراب، ثم قال: "إن النهبة ليست بأحل من الميتة"، وإن "الميتة ليست بأحل من النهبة" شك هناد أحد رواته. وهذا هو الحديث الذي أشار إليه القاضي عياض فيما تقدم، وهو صريح في إلقاء اللحم خلاف ما ذكره النووي، وقد يجيب بأنه لا يلزم من ترميله إتلافه لإِمكان تداركه بالغسل، لكن فيه بعد، وإنما أمر عليه الصلاة والسلام بذلك؛ لأنه أبلغ في الزجر، ولو ردها إلى المغنم لم يكن فيه كبير زجر إذ ما ينوب الواحد منهم نزر يسير فكان إفسادها عليهم مع تعلق قلوبهم وشهواتهم بها أبلغ في الزجر.

ومعنى "ند" هرب وشرد نافرًا، وهو بفتح النون وتشديد الدال.

و"الأوابد" النفور والتوحش كما فسره المصنف، وهو جمع

<<  <  ج: ص:  >  >>