كونها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وهذه العلة موجودة في جميع السكرات، فوجب طرد الحكم في جميع محاله، وأورد على هذا بأنه إنما يحصل المعنى في الإِسكار، وهو مجمع على تحريمه.
وأجيب: بأنا أجمعنا على تحريم عصير العنب وإن لم يسكر، وقد علل الله سبحانه تحريمه بما سبق، فإذًا ما سواه في معناه، ووجب طرد الحكم في الجميع، ويكون المحرم الجنس المسكر، وعلل بما يحصل من الجنس في العادة.
قال المازري: وهذا الاستدلال آكد مما يستدل به في هذه المسألة. قال: ولنا في الاستدلال طريق آخر، وهو أن نقول إذا شرب سلاقة الخمر عند اعتصارها، وهي حلوة لم يسكر فهو حلال بالإِجماع، فإن اشتدت وأسكرت. حرمت بالإِجماع، فإن تخمرت
من غير تخليل آدمي حلت، فنظرنا إلى تبدل هذه الأحكام، ويحددها عند تحدد صفات تبدلها، فأشعرنا ذلك بارتباط الأحكام بهذه
الصفة، وقام ذلك مقام التصريح بالنطق، فوجب جعل الجميع سواء في الحكم.
واحتجوا أيضًا من السنة. بهذا الحديث وبحديث عائشة الآتي بعده. وبالحديث الآخر الصحيح:"كل مسكر خمر وكل خمر حرام"(١)، وغير ذلك من الأحاديث.
(١) من رواية ابن عمر أخرجه مسلم (٢٠٠٣)، وأبو داود (٣٦٧٩)، والترمذي (١١٨٦)، والنسائي (٨/ ٢٩٦، ٢٩٧)، والبيهقي (٨/ ٢٨٨)، والدارقطني (٤/ ٢٤٨)، وأحمد في كتاب الأشربة (٢٦، ١٠٢).