للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: قد أجبت عن هذا الحديث بجوابين:

أحدهما: لعله أعطاه بعد ذلك للقاتل، وإنما أخبره تعزيرًا له لإِطلاقه لسانه، في حق خالد وانتهاك حرمة الوالي ومن ولاه (١).


(١) أقول وظاهر الحديث حرمانه منه لانتهاك حرمة الوالي كما يدل عليه لفظ الحديث من رواية عوف بن مالك الأشجعي، قال: خرجت مع زيد حارثة في غزوة فرافقني مددي من أهل اليمن ليس معه غير سيفه، فنحر رجل من المسلمين جزورًا، فسأله المددي طائفة من جلده، فأعطاه اياه، فاتخذه كهيئة الدَّرْقِ ومضينا فلقيا جموع الروم، وفيهم رجل على فرس له أشقر عليه سَرْجٌ مذهب وسلاح مذهب، فجعل الرومي يُفْرِي بالمسلمين، فقعد له المدديُّ خلف صخرة، فمر به الرومي فَعَرْقب فرسه، فخر، وعلاه فقتله
وحاز فرسه وسلاحه، فلما فتح الله عَزَّ وَجَلَّ للمسلمين بعث إليه خالد بن الوليد فأخذ من المسلب، قال عوف: فأتيته فقلت: يا خالد أنت علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بالسلب للقاتل؟ قال: بلى، ولكني استكثرته، قلت: لتردُّنُه عليه أو لأعَرِفنكها عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأبى أن يرد عليه، قال عوف: فاجتمعنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقصصت عليه قصة المددي، وما فعل، خالد، فقال رسول الله - صلي الله عليه وسلم -: "يا خالد، ما حملك على ما صنعت"؟ قال: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقد استكثرته، فقال رسول الله - صلي الله عليه وسلم -: "يا خالد رد عليه ما أخذت منه"، قال عوف: فقلت له: دونك يا خالد، ألم أف لك؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وما ذلك"؟ فأخبرته، قال فغضب رسول الله - صلي الله عليه وسلم - فقال: "يا خالد لا ترد عليه، هل أنتم تاركون لي أمرائي؟ لكم صفوة أمرهم وعليهم كَدَرُهُ". أخرجه مسلم (١٨٥٣)، وسقته بلفظ أبي داود (٢٧١٩)، وأحمد (٦/ ٢٨)، والبيهقي في السنن (٦/ ٣١٠)، ومعاني الآثار (٣/ ٢٣١)، إلى هذا ذهب ابن حبان فقال: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يا خالد لا تعطه"، أراد به في ذلك الوقت، ثم أمره فأعطاه". اهـ. (١١/ ١٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>