وقال بعدها في الفتح (١/ ٤٢٨)، وقال الطحاوي: حديث أم حبيبة منسوخ بحديث فاطمة بنت أبي حبيش، أي لأن فيه الأمر بالوضوء لكل صلاة لا الغسل. والجمع بين الحديثين يحمل الأمر في حديث أم حبيبة على الندب أولى، والله أعلم. وقد رد شيخ الإِسلام -رحمنا الله وإياه- دعوى النسخ بين الحديثين ولا منافاة بينهما، فإن الحديث الأول، أي: حديث فاطمة فيمن كانت لها عادة تعلم قدرها، فإذا استحيضت قعدت قدر العادة. ولهذا قال: "فدعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها"، وقال: "فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي"، فالمستحاضة المعتادة ترجع إلى عادتها. الحديث الثاني أم حبيبة: فليس فيه الأمر بالغسل لكل صلاة، ولكن أمرها بالغسل مطلقًا فكانت هي تغتسل لكل صلاة. والغسل لكل صلاة مستحب، فالواجب عليها إذا تعدت أيامًا هي أيام حيضها. ثم اغتسلت كما تغتسل من انقطاع حيضها، ثم صلت وصامت في هذه الاستحاضة، فالواجب عليها الوضوء عند كل صلاة. اهـ. من الفتاوي بتصرف (٢١/ ٦٣٠).