للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ملكها بعده بنو أيوب، ثم صارت أخيرًا في دولة المماليك وتحت سلطانهم (١).

[٢ - رحلاته]

رحل برهان الدين الجعبري إلى كثير من البلدان والمدن والأمصار الإِسلامية طلبًا للعلم والاستزادة من الثقافة والمعرفة والاطّلاع على أنواع العلوم ومختلف الفنون، وللاجتماع بأشهر الحفاظ والقرّاء من شيوخ العلم والأخذ عنهم والسماع المباشر منهم، فاقتفى في ذلك أثر المحدثين وسنّتهم في الرحلة, لأنهم أكثر اهتمامًا بها من غيرهم من بقية الفقهاء والعلماء الآخرين.

وقد كانت رحلته الأولى إلى بغداد عاصمة الخلافة العباسية التي كانت من أهم مراكز العلم في العالم، ومحط أنظار أفذاذ العلماء يقصدونها من أقصى الشرق والغرب.

وقد توجه إليها عالمنا بعد عام ٦٦٠ هـ، وذلك عقب غزو التتار لها، بعد أن جمع حصيلة علمية من بلده. وهذه الرحلة هي أعظم رحلة قام بها، واستفاد منها كثيرًا، وإلَّا فقد قام قبلها برحلة بمرافقة والده إلى حلب إلى مجلس يوسف بن خليل -كما تقدم- (٢) ثم إلى الموصل للأخذ عن ابن يونس، وهو في سن الطفولة قبل أن يتجاوز الثامنة من عمره.

واشتغل بالعلم في بغداد على كبار الحفاظ والمقرئين، واكتسب فيها المعارف والعلوم، وتخصص بالقراءات. وقد كانت (بغداد) في هذه الفترة قد ساءت الأحوال بها، واضطربت الأمور فيها، وتدهورت أوضاعها، واختل أمنها بسبب غزو التتار لها بعد أن تبوأت السيادة والمكانة العلمية في العالم الإِسلامي، فكانت ذات أهمية حضارية وسياسية واجتماعية وثقافية عامرة بالعلم ورجاله.

وقد التحق بالمدرسة النظامية (٣)، وحضر دروس المشايخ بالمدرسة المستنصرية (٤)،


(١) تقدم الحديث عن دول المماليك في الشام ومصر ص ٢٤ - ٢٦.
(٢) ص, ٣٤.
(٣) هذه المدرسة أنشأها نظام الملك الوزير الحسن بن علي بن إسحاق أبو علي، وزير الملك ألب أرسلان السلجوقي في بغداد، وقد دام أبو علي في الوزارة تسعًا وعشرين سنة، تولى فيها الوزارة على أحسن سيرة، وتوفي سنة ٤٨٥ هـ.
انظر ترجمته في: البداية والنهاية ١٢/ ١٤٠، وقد عين في هذه المدرسة كبار الفقهاء من الشافعية أبو إسحاق الشيرازي ثم ابن الصباغ.
(٤) المدرسة المستنصرية: أول من أنشأها هو الخليفة المستنصر بالله منصور بن محمَّد (الطاهر بأمر الله) بن =

<<  <   >  >>