للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

القرآن والسنّة: هذا منسوخ إلَّا بيقين (١). وساق الأدلة على ذلك.

وقال أبو بكر الحازمي: معرفة ناسخ حديث رسول الله ومنسوخه علم جليل ذو غور وغموض، دارت فيه الرؤوس، وتاهت في الكشف عن مكنونه النفوس، وتوهم بعضهم ممن لم يحظ من معرفة الآثار, إلَّا بآثار أن الخطب فيه جلل يسير، والمحصول منه قليل غير كثير، ومن أمعن النظر في اختلاف الصحابة في الأحكام المنقولة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - اتضح له ما قلناه (٢).

ثم قال: وهذا الفن من تتمات الاجتهاد، إذ الركن الأعظم في باب الاجتهاد ومعرفة النقل، ومن فوائد معرفة النقل -الناسخ والمنسوخ- إذ الخطب في ظواهر الأخبار يسير، وتجشم كلفها غير يسير، وإنما الإِشكال في كيفية استنباط الأحكام من خبايا النصوص، ومن التحقيق فيها معرفة أول الأمرين من آخرهما إلى غير ذلك من المعاني (٣).

وقال القرطبي (٤): ومعرفة علم الناسخ والمنسوخ ركن عظيم لا يستغنى عن معرفته العلماء، ولا ينكره إلَّا الجهالة الأغبياء، لما يترتب عليه من معرفة الحلال والحرام، ثم نقل قول ابن عباس - رضي الله عنهما - في تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} (٥) فقال: معرفة الناسخ والمنسوخ (٦). وهذا ذكر نحوه الزركشي في البرهان (٧)، والسيوطي في الإِتقان (٨)، وغيرهم من علماء الإِسلام.

والآن وقد اتضح لنا أن العلم بهذا الفن عظيم الشأن في فهم الأحكام، وتميز الحلال من الحرام، ومعرفة أول الأمرين من آخرهما وناسخهما من منسوخهما، وتشدد


(١) انظر: أصول الأحكام لابن حزم ٤/ ٨٣ - ٨٤.
(٢) الاعتبارص ٤ - ٥.
(٣) الاعتبار ص ٥.
(٤) هو: أبو عبد الله محمَّد بن أحمد بن أبي بكر بن فرج الأنصاري الخزرجي الأندلسي من أهل قرطبة، من كبار المفسرين، توفي سنة ٦٧١ هـ في شمال أسيوط بمصر.
انظر ترجمته في: الديباج المذهب ٢/ ٣٠٨ - ٣٠٩، ونفح الطيب ١/ ٤٢٨، ومقدمة تفسيره المجلد الأول ص و - ز، والأعلام ٥/ ٣٢٢. والواقي بالوفيات ٢/ ١٢٢ - ١٢٣.
(٥) سورة البقرة - آية: ٢٦٩.
(٦) تفسير القرطبي ٣/ ٣٣٠، ونواسخ القرآن لابن الجوزي ص ١٠ وتفسير ابن جرير ٣/ ٦٠.
(٧) البرهان ١/ ٢٨.
(٨) الاتقان ٣/ ٦٦ - ٦٧.

<<  <   >  >>