للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

معلومات الكتاب بالرواية والنقل عن شيوخه مع دقة الاختيار وحسن التنظيم.

وابن الجوزي والحازمي تعاصرا وعاشا معًا في بغداد في وقت واحد، ولكل واحد منهما وجهة نظره، وفهمه المستقل، وأسلوبه ومنهجه في تدوين المعلومات وترتيبها في هذا الفن، إلى جانب اختلاف مذهب كل واحد منهما في الفقه، فابن الجوزي فقيه حنبلي، والحازمي فقيه شافعي، ولربما يميل الواحد منهما في بعض المسائل إلى دعم رأي إمامه ضمن قواعد مذهبه الفقهية.

وهما ليسا كغيرهما من الفقهاء المتعصبين، بل كان رائدهما الحق، فكانا يسيران مع الدليل، وهما فقهاء المحدثين، ولعل هذا فيما أحسب عاملًا في اختلافهما وتباينهما في تدوين بعض مسائل النسخ، واختلاف وجهات النظر في قضاياه، ولذلك انفرد كل واحد منهما بذكر مسائل لا توجد لدى الآخر حتى حصل عند كل واحد منهما ما لم يحصل عند الآخر، وذلك بإيراد أحاديث الناسخ والمنسوخ في مسائل أبواب الفقه.

فقد يرى ابن الجوزي حسب فهمه وما وصله أن بعض الأحاديث دخلها الناسخ والمنسوخ في حين أن الحازمي لا يرى ذلك، فيترك إيرادها وذكر ما قيل فيها من ناحية النسخ. والحاكم والضابط لهذا الاختلاف هو معرفة صحة طرق النقل التي تفيدنا بأن هذا ناسخ وأن هذا منسوخ، ومعرفة المتقدم من المتأخر من الأمرين وغير ذلك من قواعد معرفة طرق الناسخ والمنسوخ في هذا الفن.

وكلاهما ممن يعرف ذلك ولا يجهله، ولكن ربما أن أحدهما قد اطّلع على ما لم يطلع عليه الآخر فيورد أحدهما بعض الأحاديث لا على سبيل وجود ناسخ ومنسوخ فيها, ولكن لبيان الصواب فيها ما دام قد قيل بأن فيها ناسخًا ومنسوخًا وهي ليست من بابه، وإنما يجيء ذكرها لمجرد التنبيه عليها فقط.

وهذا وارد كثيرًا في كتاب ابن الجوزي والحازمي، فنراهما كثيرًا يذكران الأحاديث ثم يقولان عقبها بالجمع أو بالترجيح بينهما ويخرجانها من باب النسخ لأنه لم يثبت. وهذا ما أردت تقريره حول هذين الكتابين.

أما كتاب أبي حامد الرازي فهو مختصر جدًا، وأسلوبه فيه هو اكتفاؤه بإيراد الحديث بغير سند، ثم الحكم بأن هذا منسوخ بحديث كذا، أو يقول: بأن النسخ غير صحيح وغير وارد، وقد رتبه على أبواب الفقه ولم يستوعب أبواب الفقه كلها، وهو مفيد من ناحية إعطاء الحكم الفوري عن المسائل والأحاديث.

<<  <   >  >>