للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (تمر به الهرة فيصفي لها الإناء فتشرب ثم يتوضأ بفضلها) (١). ثم ذكر من حديث جابر رضي الله عنه نحوه.

ثم تعقبه ابن الجوزي في كتابه ص ٣٠ في دعوى النسخ بعد إيراد المسألة بأدلتها وقال: من أين لهم تاريخ أن هذا بعد هذا؟. ثم بين أن الحديث الأول لم يصح بهذا اللفظ الذي ساقه ابن شاهين ومن هذه الطريق أَيضًا, لأن زيادة (والهرة) غير واردة في لفظ الحديث الصحيح عند الجماعة.

وتعتبر هذه الزيادة شاذة لأن راويها قد خالف سياقه سياق الحفاظ الثِّقات، وفيه كلام يوجب رد روايته وإن لم يخالف، وقد بين ابن الجوزي ضعف هذه الطريق أَيضًا.

هذا نموذج من المسائل التي انفرد بذكرها ابن شاهين وتعقبه عليها ابن الجوزي، وابن الجوزي قد رأى أن ابن شاهين أسرف في كتابه فأدخل فيه أحاديث ليس لها تعلق بالنسخ، وهي إما من باب التخصيص أو باب حمل المطلق على المقيد أو من باب حمل العام على الخاص مما يمكن الجمع بينهما، أو هي من باب الترجيح بين النصوص عند التعارض ومعرفة أقواها إذا لم يمكن الجمع بينهما أو معرفة المتقدم من المتأخر منهما، فلذلك كثر تعقب ابن الجوزي عليه وبين الصواب فيها.

وأحب هنا أن أبين أن مفهوم النسخ عند ابن شاهين أوسع فهو من أولئك الذين تقدم ذكرهم وبيان مفهوم النسخ عندهم وإطلاق مدلوله الواسع، فمجرد تقييد النص يسمى عندهم نسخًا.

أما الحازمي فإنَّه لم يذكر في كتابه من هذه المسائل شيئًا، إما لكونها ليست من شرط كتابه, لأن شرطه إيراد ما ثبت فيه النسخ أو هي من باب التخصيص، أو من باب حمل العام


= عقب الحديث المتقدم وقال: وهذا الحديث روي عن أبي هريرة، عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - نحو هذا ولم يذكر فيه (وإذا ولغت الهرة غسل مرة).
وأخرج الدارقطني في السنن ١/ ٦٧ - ٦٨ ورجح وقفه. والبيهقي في الكبرى ١/ ٢٤٧ وقال: لفظ الهرة مدرج من كلام أبي هريرة. وانظر: نصب الراية ١/ ١٣٦.
(١) حديث عائشة أخرجه الدارقطني في السنن ١/ ٦٦ - ٦٩ بلفظه وضعفه والبيهقي ١/ ٢٤٧ - ٢٤٨ وبين طرقه.
والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ١٨، وفي المشكل ٢/ ٣٧٠.
وانظر: مجمع الزوائد ١/ ٢١٦ الكلام على الحديث، ونصب الراية ١/ ١٣٣، والتلخيص الحبير ١/ ٤٢ - ٤٣، والدراية ١/ ٦١، ونيل الأوطار ١/ ٤٤، والحديث ضعيف بكل طرقه.

<<  <   >  >>