للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكان حقه أن يقول: "ثماني عشرة"، وإنّما حذفت "الياء" على لُغة مَن يقول: "طوال الأيد". (١)

قلت: ووقَع في الحديث من حديث أبي برزة -رضي الله عنه- قال: "غَزَوْتُ سَبْعَ غَزَوَاتٍ أو ثَمَانِيَ" (٢) بإثبات "الياء"، وهو مُشكِل على هذه القاعدة؛ لأنّ الواجبَ أن يقول: "أو ثمانيًا" بالتنوين.

قال ابنُ مالك: يتخرّج في ذلك ثلاثة أوْجُه: -

أحدها: وهو أجْوَدها أن يكون أراد: "أو ثماني غزوات"، ثم حذف المضاف إليه، وأبقى المضاف على ما كان عليه قبل الحذف، لدلالة ما تقَدّم من مثل المحذُوف، وهَذا من الاستدلال بالمتقَدّم على المتأخّر، وهو في غير الإضافة كثير، كقوله تعالى: {وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ} [الأحزاب: ٣٥].

الوجه الثاني: أن تكون الإضافة غير مقصُودة، وترك التنوين لمشابهة "جوارٍ" لفظًا ومعنى. أمّا اللفظ: فظاهر. وأمّا المعنى: فلأن "ثمانٍ" وإن لم يكن له واحد من لفظه فإنّ مدلوله جمع، وقد اعتبر مجرد الشبه اللفظي في "سراويل"، فأُجريَ مجرَى "سرابيل"؛ فلا يستبعد إجراء "ثمان" مجرى "جوارٍ".

الوجه الثالث: أن يكون في اللفظ "ثمانيًا" بالنصب والتنوين، إلا [أنه] (٣) كُتب على اللغة [الربيعية] (٤)، فإنهم يقفون على المنوّن المنصُوب بالسكُون؛ فلا يحتاج


(١) انظر: الصّحاح (٥/ ٢٠٨٩).
وراجع: شرح الكافية الشافية (٣/ ١٦٧٤)، وتصحيح التحريف (ص ١٩٨)، ودرة الغواص (ص ١٤٤)، وشرح أدب الكاتب لابن قتيبة (ص ١٨٨)، وعمدة الكتاب (ص ٤٥٩).
(٢) صحيحٌ: البخاري (١٢١١)، من حديث أبي برزة.
(٣) سقط من النسخ. والمثبت من المصدر.
(٤) في المصدر: "الربعية".

<<  <  ج: ص:  >  >>