للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنْ سكن ثاني حَرف المضَارعة: اجتُلبت له الهمزة، فتقُول في الأمر من "يضْرب": "اضرب"، ومن "يشْرب": "اشرب". (١)

وفي الكَلام حَذْفٌ يدُلُّ عَليه السّياق، أي: "قَالَ لأصْحَابه: تحروا ليلة القَدْر في ليالي أيام الوتر"، فتسميتها بـ "ليلة الوتر" حَقيقية، وتسميتها "ليلة القَدْر" مَجَاز.

وإنما سُمّيت (٢) بذلك: لأنّ الله تعالى يَقْضِي فيها ويُقَدّر الأشْياء. وهو مَصْدَر "قَدّر الله الشّيء قَدْرًا وقَدَرًا"، كـ "نَهْر ونَهَر" و"الشِّعْر والشَّعَر".

وقيل: سُمّيت بذلك لأنّ كُلّ مَن لم يكُن له [قَدْر] (٣) إذا تَدَارَكَها يصير فيها ذا قَدْر وخَطَر.

وقيل: لأنّه أنزل فيها الكتاب ذا قَدْر.

وقيل: لأنّه قَدّر الرّحمة فيها.

وقيل: لأنّ الأرضَ تضيق فيها بالملائكة، من قوله تعالى: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} [الطلاق: ٧]. (٤)

قَالَ في "الصّحاح": يُقَال: "فُلانٌ يتَحَرّى الأمر"، أي: "يتَوَخّاه ويقْصِده". وتحرّى فُلَانٌ بالمكان أي: "تَمَكَّث". وقَوله تَعَالَى: {فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا} [الجن: ١٤]، أي: "تَوَخّوا وعَمَدوا". (٥)


(١) انظر: المقتضب (٢/ ٨٨)، سر صناعة الإعراب (١/ ١٢٥)، درة الغواص (ص ٤٦)، شرح المفصل (٥/ ٢٧٦، ٣٠٧)، اللمحة (١/ ١٣٧).
(٢) أي: ليلة القَدْر.
(٣) بالنسخ: "قدرًا"
(٤) انظر: تفسير الثعلبي (١٠/ ٢٤٧، ٢٤٨)، تفسير البغوي (ط إحياء التراث، ٥/ ٢٨٣)، عُمدة القاري للعيني (١١/ ١٢٨، ١٢٩)، إرشاد الساري (٣/ ٤٢٩)، شرخ الزرقاني على الموطأ (٢/ ٣١٧).
(٥) انظر: الصحاح (٦/ ٢٣١١)، لسان العرب (١٤/ ١٧٣ وما بعدها).

<<  <  ج: ص:  >  >>