للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفلك، والحرَكَات مُتماثلة، والحاجَةُ دَاعية إلى تمييزها، فمَيّزوا أسماءَ الأسبوع بأسْماء الأعْدَاد وبالحوَادِث الكَائنَة فيها.

وسَمّوا "اليوم الذي قبْل يَومِهم" باسم أقرب سَاعة منه إليهم، وهو "المساء"، إلا أنهم جَعَلوا اسمه منقُولًا مِن فِعْل الأمْر الذي قَولك فيه: "أمْس بخَير"؛ فلهَذا بَنوه.

وكَذلك سَمّوا "اليوم الذي بعْد يَومِهم" باسم أقْرَب سَاعَة منه إليهم، وهو "الغَد"، فقَالوا: "الغَد"، فأعرَبُوه؛ لأنّه ليس منقُولًا من مبني - بخِلافِ "أمس" - وحَذَفُوا لامه؛ لأنّ كُلّ اسم كَان موضُوعًا للحَدث ثم نُقِل إلى غَيره، ووَزْنه "فَعل"، ولامه مُعتلّة، فإنهم ينقصونه [ليكُون] (١) نقْصه لفْظًا أمَارَة لنقْصه معنى. (٢)

فتأمّل ذَلك تجده في: "غَد" و"دَم" و"يَد" و"سم". (٣)

إذا ثبت ذلك: فـ "الغَد" في الحديثِ منصوبٌ بـ "قَامَ" على الحكاية للزّمَان الماضية. و"مِن يَوْم" يتعَلّق بحَال مِن "الغَد"، أي: "كَائنًا مِن يَوم الفَتْح"، و"مِن" لبيان الجنْس.

قوله: "فسَمعته أُذناي": تقَدّم الكَلامُ على "سَمِع" في الحديث الأوّل. والضّميرُ في "سَمعته" يعُود على القَول، وكذلك الضّميرُ في "وَعَاه". و"قَلْبي": فَاعِل. وأمّا الضّمير في "أبْصَرَتْه عَينَاي": فيحتمل أنْ يعُود على "النبي - صلى الله عليه وسلم -"؛ لأنّه تقَدّم ذِكْره، ويكُون كقَوله تعَالى: {وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} (٤) [الفتح: ٩]، قيل: الضّميرُ في "تُسَبِّحُوهُ" يعُود على الله - عز وجل - (٥). ويحتمل أنْ يعُود على القَول،


(١) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(٢) انظر: نتائج الفكر للسهيلي (ص ٨٨ وما بعدها).
(٣) انظر: نتائج الفكر (ص ٩٠)، المخصّص (٤/ ٢٣٦).
(٤) بالنسخ: "لتعزروه".
(٥) انظر: تفسير ابن عطية (٥/ ١٢٩)، تفسير القرطبي (١٦/ ٢٦٧)، تفسير الزمخشري =

<<  <  ج: ص:  >  >>