للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُسْمَع، ولو سُلِّم فإنْ جَاء منه شيء فهو نَادِرٌ لا يُقَاسُ عليه، ولو سُلِّم فلا يَعْمَل؛ لأنه لم يُسْمَع، وكيف نثبت قانونًا كليًّا لم يُسْمَع مِن العَرَب شيء من إفراد تركيباته؟ إذ لا يحفظ: "هذا رجلٌ أَضْرَبُ عمرا"، بمعنى: "ضَارِبٌ عمرا"، ولا: "هذه امرأة أَقْتَلُ خالدًا"، أي: "قَاتِلَةٌ خالدًا". (١)

قَال أبو حيّان: وأجَاز بعضُهم في "أعْلَم" هُنا - يعني: في الآية - أنْ تكون "أفعَل" التفضيل، والتقدير: "أعْلَم منكم"، و"مَا" [مفعولة] (٢) بفِعْل محذُوف يدُلّ عليه "أعْلَم"، أي: "علمت، وأعْلَم ما لا تعلمون". (٣)

قَالَ أبو حيّان: وهُو بَعيدٌ؛ لأنّ فيه حَذفين مِن غير احتياج إليهما. (٤)

قلتُ: وتقديرُ "أعْلَم" هنا "أفعَل" أسْهَلُ منه في الآية؛ لأنّ التقدير: "إني لأعْلَم النّاس بأنّك حَجَر لا تضُر ولا تنفَع"، وحَذْفُ المضَاف إليه في الكَلام [كثيرٌ] (٥) أسْهَل مِن حَذف "مِن" التي هي مِن صلة "أفعَل" ومِن تمامه (٦).

قوله: ["لا تضُر ولا تنفَع"] (٧): صِفَتَان لـ "حَجَر"، كقَوله تعالى: {لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ} [البقرة: ٦٨]، والصِّفة إذا كانت مَنفيّة بـ "لا" وَجَبَ تكْرَار "لا"، ولا تكُونُ غير مُكرّرة إلا في الشِّعر. (٨)


(١) انظر: البحر المحيط (١/ ٢٣٣، ٢٤٢)، توضيح المقاصد (٢/ ٩٣٩)، شرح المفصل (٢/ ١٦٢)، شرح الأشموني (٢/ ٣٠٦، ٣٠٨)، الهمع (٣/ ٩٧).
(٢) كذا بالأصل. وفي "البحر المحيط": "منصوبة".
(٣) انظر: البحر المحيط (١/ ٢٣٢).
(٤) انظر: البحر المحيط (١/ ٢٣٣).
(٥) بالنسخ: "كثيرًا".
(٦) انظر: تفسير النسفي (٢/ ٣٤٦)، الكتاب لسيبويه (٢/ ٣٤٧)، شرح التسهيل لابن مالك (١/ ٢٢١).
(٧) بالنسخ: "لا تنفع ولا تضر".
(٨) انظر: البحر المحيط (١/ ٤٠٦)، مغني اللبيب (ص ٣٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>