للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "فخَرَجُوا معه": الضّمير يعُود على "الصّحابة" وإنْ لم يتقَدّم لهم ذِكْر؛ لأنّ المعنى مفْهُوم. و"معه" يتعَلّق بحَال، أي: "فخَرَجُوا حَاجّين معه".

قوله: "فصَرَف طَائفة منهم": أي: "مِن أصْحَابه"، فيهم أَبُو قتادة. يحتمل أنْ يُريد بـ "صَرْفِهم": "تمييزهم وتبيينهم"، أي: "مَيّزهم مِن الناس"، ومنْه في الحديث: "إِذَا صُرِّفَتِ الطُّرُقُ. . . " (١)، أي: "بُيِّنَت". وإنّما قُلنَا ذَلك لأنّه لم يَذْكُر مُتعَلّق الفِعْل، فلم يقُل: "صَرَفَهم إِلَى كَذا"، ويدُلّ على ذَلك قولُه: "وقَالَ: خُذوا سَاحِل البحر"؛ فيكُون هذا القَول بعْد التمييز.

ويحتمل أنْ يكُون التقدير: "فصَرَف طَائفة إِلَى جِهَة غير جِهَة سَاحِل البحر" [تورية] (٢)، ثم حَذَف الرّاوي ذِكْر الجهَة، وذَكَرَ المقْصُودَ مِن الحديث.

قوله: "فيهم أَبُو قَتَادة": يتعَلّق حَرْف الجر بخَبر عَن المبتدأ، وهو "أبو قتادة".

و"خُذُوا" هُنا بمَعنى "تَوجّهوا". وتقَدّم الكَلامُ على "أخَذ" والأمر منه في السّادس مِن "بَاب الاستطابة".

فإنْ قَدّرت "خُذوا" بـ "توَجّهوا" يكُون "سَاحِل البحر" ظَرْفًا بمعنى "توجّهوا جهَة سَاحِل البحر إِلَى أنْ نلتقي معكم". ويحتمل الفِعْل الرّفع، أي: "خُذوا سَاحِل البحر (حَتَّى) نحن (نلتقي) مَعَكُم".

فعلى الأوّل: يكُون لسَيرهم غَاية، وهو "لُقى النّبي -صلى اللَّه عليه وسلم-"، وتكُون "الياء" مفتُوحَة (٣). وعلى الثّاني: لا يكُون "لُقى النّبي" غَايَة لسَيرهم، إنما القَصْد به حِفْظ سَاحِل البَحْر، وتكُون "اليَاء" سَاكِنة، ويُرَجّح هَذا كَونهم ذَبَحُوا الصَّيد وأكَلُوا


(١) صَحيحٌ: البخاري (٢٢١٣)، مِن حَديث جَابر. وانظر: النهاية لابن الأثير (٣/ ٢٤).
(٢) كذا بالنسخ.
(٣) أي: الياء في قوله: "نلتقي".

<<  <  ج: ص:  >  >>