للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسَاروا حتّى بَلغُوا النّبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.

ونظيرُ هَذا: قوله: "حَتى يَقُولُ الرّسُولُ" (١) بالرّفْع. ومنه قَولهم: "مرض حتّى لا يرْجُونه" أي: "هُم لا يَرْجُونه". (٢)

قَال ابنُ مالك: في قَول البراء: "إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَامُوا قِيَامًا حَتَّى يَرَوْنَهُ قَدْ سَجَدَ" (٣) إشْكَالٌ؛ لأنّ "حتّى" فيه بمعنى "إِلَى أنْ"، والفعلُ مُستقبل؛ فحَقّه أن يكُون بلا "نُون"؛ لاستحقاقه النّصب، لكنّه جَاء على لُغَة مَن يَرفَع الفِعْل بعد "أنْ"، [حملًا على "أنْ" المخَفّفة] (٤)، كقراءة مجاهد: {لَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمُّ الرَّضَاعَةَ} (٥) بضَمّ "الميم". وإذا جَاز تَركُ إعْمالها ظَاهِرَة؛ فترْكُ إعْمالها مُقَدّرَة أوْلَى بالجَوَاز. انتهى. (٦)

قُلتُ: والعَملُ بعد هَذا على الرّوَاية.

وقَد تقَدّم الكَلامُ على "حتّى" وأقسَامها في الحدِيث الثّاني مِن أوّل الكتاب.

قوله: "فلَمَّا انصَرَفُوا": تقَدّم أنّ "لمّا" عند سيبويه حَرف وجوب لوجوب،


(١) سورة [البقرة: ٢١٤]. وهي قراءة نافع وابن عامر في رواية الوليد، كما في البحر المحيط (٢/ ٣٧٣)، والمبسوط في القراءات العشر لابن مهران (ص ١٤٦)، وجامع البيان في القراءات السبع للداني (٢/ ٩١٢).
(٢) انظر: البحر المحيط (٢/ ٣٧٣)، شواهد التوضيح (ص ١٣٠)، عقود الزبرجد (٢/ ٣٥)، الكتاب (٣/ ٢٥)، الأصول لابن السراج (٢/ ١٥٢)، مغني اللبيب (ص ١٧٠)، الجنى الداني (ص ٥٥٢)، شرح التصريح (٢/ ٣٧٤).
(٣) صَحيحٌ: البخاري (٧٤٧)، من حديث البراء.
(٤) كذا بالنسخ. وفي المصدر: "حملا على (ما) أختها".
(٥) من سورة البقرة: ٢٣٣. وانظر: البحر المحيط (٢/ ٤٩٨، ٤٩٩)، (٦/ ٤١٥).
(٦) انظر: شواهد التوضيح (ص ٢٣٥، ٢٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>