للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفاعل "حرّم": ضمير "اللَّه" تعالى. ومثله قوله تعالى: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} [التوبة: ٦٢]، فأفرد الضمير؛ لأنّ اللَّه ورسوله في حُكم الواحد؛ لأنَّ رِضَا اللَّهِ عنه مُرتبطٌ برِضَا رسولِه (١).

أو يكون التقدير: "إنّ اللَّه حَرَّم، وإنّ رسولَه حَرَّم"، فهما جملتان.

ويحتمل أن يكون التقدير: "إن اللَّهَ ورسولَه حرَّما بيع"، ثم حذف "الألِف" التي هي ضمير الإثنين عندما وقف؛ لينفرد الفعل بضمير اللَّه تعالى.

وفي ذلك تعظيم للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ حيث جعل تحريمه وتحريم الرسول واحد، وهو نظيرُ قوله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: ٨٠] (٢).

وقد أجازوا في الوقف على المنصوب السّكُون، وهي لُغة ربيعة، فقالوا: "رأيتُ رجُل". فهذا هنا أسْهَل؛ لأنّه هنا أبقى الحركة التي كانت قبل الحذف. وحسَّن هذا الحذف دلالة ما قبله عليه. والأوّل أحْسَن (٣).

وقد قال -صلى اللَّه عليه وسلم- للخطيب لما قال: "ومن يعصهما فقد غوى": "بِئْسَ خَطِيبُ القَوْم أَنْتَ" (٤)، كأنّه أنكر عليه جمعه بين ضميري "اللَّه" تعالى و"النبي" -صلى اللَّه عليه وسلم- (٥).

ومن هذا قوله في الحديث: "مِن أعْظَمِ الفِرَى أن يُرِيَ عَيْنَيه مَا لم تَرَ" (٦).


(١) انظر: البحر المحيط لأبي حيان (١/ ٢٦٨)، (٥/ ٢٩٨)، (٦/ ١٥)، رياض الأفهام (٤/ ٣٢٦، ٣٢٧)، مغني اللبيب (ص ٤٢).
(٢) انظر: البحر المحيط (٥/ ٢٩٩)، اللباب لابن عادل (٤/ ٢٩٨).
(٣) انظر: اللباب لابن عادل (١٠/ ١٣٢)، شرح الكافية الشافية (٤/ ١٩٨٠)، الخصائص (٢/ ٩٩، ١٠٠)، التبيين عن مذاهب النحويين (ص ١٩١)، اللباب في علل البناء والإعراب (٢/ ٢٠٠، ٢٠١)، شرح المفصل (٥/ ٢١٢)، الصبان (١/ ٦٩)، الهمع (٣/ ٤٢٧)، شرط التصريح (٢/ ٣١٣).
(٤) صحيح: مسلم (٨٧٠/ ٤٨)، من حديث عدي بن حاتم.
(٥) انظر: إكمال المعلم (٣/ ٢٧٥)، إرشاد الساري (١/ ٩٨).
(٦) صحيح: البخاري (٣٥٠٩)، والمسند (١٧٠٢١)، والطبراني في المعجم الكبير =

<<  <  ج: ص:  >  >>