للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واسمها، و"أن تذر" محلّه رفع بالابتداء، وخبره "خير"، والجملة من المبتدأ والخبر خبر "إنّ"، والتقدير: "إنّك تركك ورثتك أغنياء خَير من أنْ تذرهم عَالة"، فـ "أنْ تذرهم" في محلّ جر بـ "مِن".

واستُعمل مُضارع "وَذَرَ"، وهو و"وَدَعَ" مما استغنت العَرَب عنهما في الفصيح، وعن اسم فاعلهما بـ "تارك"، وعن اسم مفعولهما بـ "متروك"، وعن مصدرهما بـ "الترك"، وسُمِعَ: "وَذَرَ"، و"وَدَعَ" (١).

قال القَاضي عياض: ضَبطنا "أَنْ تَذَرَ" بفتح "الهمزة"، وقد وَهِمَ بعضُهم؛ فقال: "إنْ" بالكَسر، وله وَجْه في الكَلام لا يبْعُد.

ثم قَال في موضع آخر: رَوَيناه بالفتح والكَسر في "إنْ"، وكلاهما له معنى. (٢)

قوله: "أغنياء": مفعول بـ "أنْ"، إن جعلت "وذر" بمعنى "صيَّر"، وإلا فهي حال، و"وذر" بمعنى "ترك"، و"ترك" من أفعال الصيرورة، كـ "جعل"، و"ردَّ"، و"اتخذ"، و"صير"، و"وهب" في قولهم: "وهبني اللَّه فداك" (٣).

قوله: "عالة": هو مثل الأوّل، إما مفعول بـ "أنْ"، أو حال إن قدَّرت "تذرهم" بمعنى "تخليهم". وكذلك قوله: "يتكففون الناس" حالٌ ثانية مُؤكّدة. والحالُ تقع مُؤكّدة (٤)، بخلاف الخبر.

قوله: "وإنك لن تُنفق نفقة تبتغي بها وَجْه اللَّه": الجملة الكُبرى في محلّ خبر


(١) انظر: البحر المحيط (١٠/ ٤٩٦)، الصحاح للجوهري (٢/ ٨٤٥)، الكتاب (٤/ ٦٧)، إسفار الفصيح (١/ ١٨٥، ٢٣٠، ٥٦٩)، شرح التصريح (٢/ ٤١)، الهمع للسيوطي (٣/ ٢٢)، جامع الدروس العربية (١/ ٦٤).
(٢) انظر: إكمال المعلم (٥/ ٣٦٥).
(٣) انظر: شرح الأشموني (٣٦١/ ١ وما بعدها إلى ٣٦٣).
(٤) انظر: شرح ابن عقيل (٢/ ٢٧٦)، وشرح المفصل (٢/ ٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>