للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتأكيد إنما يحسُن إذا كان [يفيد] (١)، ومعلوم أنَّ الرجُل لا يكون إلا ذَكَرًا، كما أنّ المرأة لا تكون إلا أُنثى، فلِمَ حَسُن ههنا وصْف الرّجُل بأنه ذَكَر مع العلم بأنّه لا يكُون إلا [ذَكَرًا] (٢)؟ (٣).

وقد أجاب بعض الناس بجواب ذكره المازري ولم يستحسنه، ثم قال: والذي يلوح لي في ذلك جَواب [ينتظم] (٤) الحديثين جميعًا، وهو أنّ قاعدة الشّرع قد استقرّت على أنّ الانتقال من سنٍّ إلى أعلى منها إنما يكُون عند الانتقال [من] (٥) عَدَد إلى أكثر منه، والعَدَد الكثير يقتضي المواساة، فإذا زاد العَدَد زاد قدْر المخرج، ولهذا كانت في الخمسة والعشرين بنت مخاض، وفي الستة والثلاثين بنت لبون التي هي أسنُّ من ابنة مخاض، فلما استقر الأمر على هذا وتوقّع أن يهجس في النفوس أنّ الذي [وقع] (٦) في ابن لبون [خارج] (٧) عما أصّل؛ لأنّ ابن اللبون وإنْ كان أعلى سنًّا فهو أدْنى قَدْرًا لأجْل الذّكورية؛ فنبَّه بقوله: "ذكر" على أنّ ذلك يبخسه حتى يصير كـ "بنت مخاض" التي هي أصْغر سنًّا، لكنها أنثى.

وأمّا قوله هنا: "فلأَوْلَى رجلٍ ذَكَرٍ" لما عُلم أنّ الرجال هم أرباب القيام بالأمُور، وفيهم معنى التعصيب، وكانت العَرب ترى لهم القيام بأمُور لا تراها للنساء، ذكر -عليه السلام- الذّكورية ليجعلها كالعلّة التي لأجلها خُصَّ بذلك، لكنه ذُكِر ههنا تنبيها على الفضل، وفي الزّكاة تنبيها على النَّقْص (٨). هذا مُلخّص ما قاله


(١) فى إكمال المعلم: "مقدما".
(٢) فى المعلم: "كذلك".
(٣) انظر: المعلم بفوائد مسلم (٢/ ٣٣٧، ٣٣٨).
(٤) بالنسخ: "ينظم". والمثبت من المصدر.
(٥) غير واضحة بالأصل. والمثبت من "ب".
(٦) غير واضحة بالأصل. والمثبت من "ب".
(٧) في النسخ: "خارجا".
(٨) انظر: إكمال المعلم بفوائد مسلم (٥/ ٣٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>