قال ابنُ هشام: وقيَّد بعضهم جَوازَ ذلك في "الكَاف" بأنْ [تكُون](١)"الكَافُ" مَكْفُوفة بـ "مَا"، كحِكَايَة سيبويه (٢): "كَمَا أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ فَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ"(٣). (٤)
والحقُّ: جَوَازُه في المجرَّدة من "مَا"، نحو:{وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ}
والثاني: أن تكون في محلِّ نصبٍ على الحال من ضمير المقدَّر، وهو مذهبُ سيبويه.
والثالث: أن يكون في محلِّ نصب على الحال من فاعل "اذْكُروا" تقديره: "مُشبهين لكم حين هَدَاكم". ومثله:{كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ} الكاف نعت لمصدر محذوف. قال القرطبيّ: والمعنى: "اذْكُرُوه ذكْرًا حسنًا كما هَدَاكُمْ هدَاية حَسنَة".
الرابع: للتعليل بمعنى "اللام"، أي:"اذكروه لأجْل هدايته إيَّاكم"، حَكى سيبويه رَحِمَهُ اللهُ:"كَما أنَّهُ لَا يَعْلَمُ، فتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ". وممَّن قال بكونها للعلِّيَّة: الأخفش وجماعةٌ. و "مَا" في "كَمَا" يَجوز فيها وجهان: أحدهما: أن تكون مصدريةً، فتكون مع ما بعدها في محلِّ جر بالكاف، أي:"كهدايته". والثاني - وبه قال الزمخشري وابن عطية - أن تكون كافَّةً للكاف عن العمل، فلا يكون للجملة التي بعدها محلّ من الإعراب، بل إن وقع بعدها اسم، رفع على الابتداء .... وقد منع صاحب "المُسْتَوْفى" كون "مَا" كافةً للكاف، وهو محجوجٌ بما تقدّم.
والخامس: أن تكون الكاف بمعنى "عَلَى"؛ كقوله:{وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ}[البقرة: ١٨٥].
انظر: البحر المحيط (٥/ ٢٧٣)، اللباب في علوم الكتاب (٣/ ٤٢٤)، (٩/ ٤٥١)، الدر المصون (٢/ ٣٣٢)، إعراب القرآن وبيانه لمحيي الدين درويش (٣/ ٥٣٥).
(١) في الأصل: "يكُون". والمثبَت من (ب).
(٢) انظر: الكتاب (٣/ ١٤٠).
(٣) هو من أقوال العرب وكلامهم. والتقدير:"لأجل أَنَّهُ لا يعلم فتجاوز الله عنه".