للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه. ويجوزُ نصب "اليتيم" على أنه مفعُولٌ معه، أي: "مع اليتيم". (١)

و"اليتيم": على وزْن "فَعيل"، جمعه "أيتام" و "يتامى". وقد "يتم"، "يأتم"، "يتمًا" فيهما. (٢)

وجاء "فعيل" هنا في الصفات من غير مُبالغة، وكذلك "عَجُوز"، وذلك خِلاف القياس، ومثله "حَصُور" للناقة الضَيّقة الإحليل. (٣)

وانظر ما الفرق بين "وراء" الأولى والثانية؟ إذ دخلت "مِن" في "وراء" الثانية دون الأولى؛ فيحتمل أنّ في "مِن" معنى المجاوَزَة، كما قيل في قوله تعالى: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ} [آل عمران: ١٢١] (٤)، وذلك أنّ أنسًا لما صَفّ مع اليتيم وَرَاء النبي - صلى الله عليه وسلم - جَاوَزَت المرأة مَقَامهما إلى مَقامها؛ فناسَب مَعْنى "مِن" معها.

ويحتمل أنّ "مِن" جَاءت مُخلّصَة لمعنى "خَلْف"؛ لأنّ "وَرَاء" يُستعمَل بمعنى "أمَام"، كما قيل في قَوله تعالى: {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ} [الكهف: ٧٩]، قيل: هو بمعنى: "أمامهم" (٥). فـ "مِن" خَلّصتها لحقيقة معناها؛ إذ لو جاء: "والعجُوز وراءنا"


(١) راجع: البحر المحيط (٤/ ٦٨١)، عقود الزبرجد (١/ ١٢٤)، (٣/ ١٧٩)، الكافية في علم النحو (ص ٣٠)، الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين (٢/ ٣٨٨ وما بعدها)، اللباب في علل البناء والإعراب (١/ ٤٣١)، علل النحو (٢٤٢، ٣٢٠)، أوضح المسالك (٣/ ٣٥٠)، جامع الدروس العربية (٣/ ٧٥).
(٢) انظر: العين (٨/ ١٤٠)، الصّحاح للجوهري (٥/ ٢٠٦٤)، المصباح (٢/ ٦٧٩)، لسان العرب (١٢/ ٦٤٥).
(٣) انظر: الإعلام لابن الملقن (٢/ ٥٣٥)، الصحاح للجوهري (٢/ ٦٣١)، تاج العروس (١١/ ٣٢).
(٤) أي: "من دار أهلك". وانظر: شرح المفصل (٤/ ٤٥٩).
(٥) انظر: البحر المحيط (٧/ ٢١٣)، الإعلام لابن الملقن (٣/ ١١٦)، (٤/ ٤٧٤)، الصحاح (٦/ ٢٥٢٣)، المصباح المنير للفيومي (٢/ ٦٥٦)، لسان العرب (١/ ١٩٣)، تاج العروس (١/ ٤٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>