للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجوابُ الشَّرط إذا كان جُملة اسمية فلا بُدّ من "الفاء" أو "إذا"، كقوله تعالى: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} [الروم: ٣٦]. و"الفاءُ" في جَوَاب الشرط للتسبيب والتعقيب. (١) وسيأتي في "باب الاستطابة" أقسام "الفَاء".

واعلم أنَّ قاعدةَ الشَّرط وجَوابه [اختلافهما] (٢)؛ فيكُون الجزاءُ غيرَ الشّرط، نحو: "مَن أطَاعَ أُثيب، ومَن عَصَى عُوقِب"، وقد [جَاء] (٣) جملة الشّرط هنا هي جملة الجزاء بعَينه، فذاك بمثابة قولك: "من أكل أكل، ومَن شرب شرب"، وذلك غير مُفيد، لأنه من تحصيل الحاصل. (٤)

وقد أجَاب الشّيخُ تقيّ الدّين عن هذا السُّؤال، بأنَّ الشرطَ والجزاءَ وإن اتّحدا في اللفظ [فإنّه] (٥) لم يتّحدا في المعنى. والتقديرُ: "من كَانت هِجْرتُه إلى الله ورَسُوله قَصْدًا ونية فهجْرتُه إلى الله ثَوَابًا وأجْرًا". (٦)

قال جمالُ الدّين ابن مالك: من ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم- في حَديث حُذيفة: "وَلَوْ مُتَّ مُتَّ على غيرِ الفِطْرَةِ" (٧). وجَاز ذلك؛ لِتَوقُّف الفَائِدة على الفَضلة. ومنه قوله تعالى:


(١) انظر: إرشاد الساري (٨/ ٩)، (٩/ ٤٠١)، (١٠/ ١٠٣)، عقود الزبرجد (١/ ٤٠١)، شرح شذور الذهب لابن هشام (ص ٤٤٣)، شرح قطر الندى (ص ٩٣)، شرح ابن عقيل (٤/ ٣٨)، الجنى الداني (ص ٦١ وما بعدها)، مغني اللبيب (٢١٤، ٨٧١)، جامع الدروس العربية (٢/ ١٩٣).
(٢) في (ب): "أصلا فيهما".
(٣) كذا بالنسخ.
(٤) انظر: إرشاد الساري (٨/ ٩)، (٩/ ٤٠١)، (١٠/ ١٠٣).
(٥) كذا بالنسخ.
(٦) انظر: إحكام الأحكام لابن دقيق العيد (١/ ٦٢)، إرشاد الساري (٨/ ٩)، (٩/ ٤٠١)، (١٠/ ١٠٣).
(٧) صحيحٌ: رواه البخاري (٧٩١)، بلفظ: رَأى حُذَيْفَةُ رَجُلًا لَا يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، قَالَ: "مَا صَلَّيْتَ وَلَوْ مُتَّ مُتَّ على غَيْرِ الفِطْرَةِ التِي فَطَرَ اللهُ مُحَمَّدًا -صلى الله عليه وسلم- عَلَيْهَا".=

<<  <  ج: ص:  >  >>